وقال الراغب: وقد يستعمل الكدح دون الكلام بالأسنان.
وقال الخليل: الكدحُ دون الكدم.
فصل في معنى الآية
معنى «كادحُ إلى ربِّك» أي: ساع إليه في عملك.
والكدحُ: عمل الإنسان وجهده في الخير والشر.
قال قُتَادةُ والكلبيُّ والضحاكُ: عامل لربك عملاً، وقوله تعالى:{إلى رَبِّكَ} أي: إلى لقاء ربك، وهو الموت، أي: هذا الكدح استمر إلى هذا الزمن.
وقال القفال: تقديره: أنك كادح في دنياك مدحاً تصير به إلى ربك.
قوله:«فمُلاقِيهِ» : يجوز أن يكون عطفاً على [ «إنك] كادح» ، والسبب فيه ظاهر، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمرٍ، أي: فأنت ملاقيه، وقد تقدم أنه يجوز أن يكون جواباً للشرط.
وقال ابن عطية: فالفاء على هذا عاطفة جملة الكلام على التي قبلها، والتقدير: فأنت ملاقيه. يعني بقوله:«على هذا» أي: على عود الضَّمير على كدحكَ.
قال أبو حيَّان:«ولا يتعين ما قاله، بل يجوز أن يكون من عطف المفردات» .
والضميرُ في «فملاقيه» : إمَّا للربِّ، أي: ملاقي حكمه لا مفر لك منه. قاله الزجاج.
وإمَّا ل «الكدح» إلا أن الكدحَ عمل، وهو عرض لا يبقى، فملاقاته ممتنعة، فالمراد: جزاءُ كدحكَ.
وقال ابنُ الخطيب: المراد: ملاقاة الكتاب الذي فيه بيان تلك الأعمال، ويتأكد هذا بقوله بعده:{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ} .