للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أن يتطوَّع بعد فرض الحجِّ وعمرته بالحجِّ والعمرة مرةً أخرى؛ حتى طاف بالصَّفَا والمَرْوَة تطوُّعاً.

وقال الحَسَنُ وغيره: أراد سائر الأعمال، يعني: فعل غير الفرض؛ من صلاةٍ، وزكاةٍ، وطواف، وغيرها من أنواع الطَّاعات.

وأصل الطاعة الانقيادُ.

وأما الحديث: فنقول فيه إنه عام، وحديثنا خاص، والخاصُّ مقدَّمٌ على العامِّ.

قوله تعالى: {فَإِنَّ الله شَاكِرٌ عَلِيمٌ} .

قال ابنُ الخَطِيب: اعلَمْ أنَّ الشاكِرَ في اللُّغة هو المظهر للإنعام عليه، وذلك في حقِّ الله محالٌ، فالشاكر في حقِّه - تبارك وتعالى - مجازٌ، ومعناه المجازيُّ على الطاعة، وإنما سمى المجازاة على الطَّاعة، شكراً؛ لوجوه:

الأول: أن اللفظ خرج مخرج التلطُّف للعبادة، ومبالغة في الإحسان إليهم؛ كما قال تعالى {مَّن ذَا الذي يُقْرِضُ الله قَرْضاً حَسَناً} [البقرة: ٢٤٥] وهو سبحانه وتعالى لا يستقرض من عوض، ولكنه تلطف في الاستدعاء؛ كأنه قيل: من ذا الذي يعمل عمل المقرض؛ بأن يقدم فيأخذ أضعاف ما قدّم.

الثاني: أنَّ الشُّكر لما كان مُقابلاً [للإنعام أو الجزاء] عليه، سُمِّي كلُّ ما كان جزاء شكراً؛ على سبيل التشبيه.

الثالث: أن الشكر اسم لما يجازى به، والله تعالى هو المجازي، فسمِّي شاكراً، فعلاقة المجازاة.

[وقال غيره:] بل هو حقيقةٌ؛ لأنَّ الشكر في اللُّغة: هو الإظهار؛ لأنَّ هه المادَّة، وهي الشين، والكاف، والراء تدلُّ على الظُّهور، ومنه: كَشَرَ البَعِيرُ عن نَابه، إذا أظهره؛ فإنَّ الله تعالى يظهر ما خَفِيَ من أعمال العبد من الطَّاعة، ويُجَازِي عليه.

وقيل: الشُّكْرُ: الثناء، والله تعالى يُثْني على العبد، فلا يبخس المستحقَّ حقَّه، لأنَّه عالمٌ بقدره، ويحتمل أنه يريد أنَّه عليمٌ بما يأتي العَبْدُ، فيقوم بحقِّه من العبادة والإخلاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>