قوله تعالى: {قُتِلَ} . هذا جواب القسم على المختار، وإنما حذفت اللام، والأصل: «لقتل» ؛ كقوله: [الطويل]
٥١٥٣ - حَلفْتُ لَهَا باللهِ حَلفَة فَاجرٍ ... لنَامُوا فمَا إنْ مِنْ حَديثٍ ولا صَالِي
وإنما حسُن حذفها للطول كما سيأتي - إن شاء الله تعالى - في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} [الشمس: ٩] .
وقيل: تقديره، لقد قتل، فحذف «اللام وقد» ، وعلى هذا فقوله «قُتِلَ» خبر، لا دعاء.
وقيل: هي دعاءٌ، فلا يكون جواباً.
وفي الجواب حينئذ أوجه:
أحدها: أنه قوله تعالى: {إِنَّ الذين فَتَنُواْ} [البروج: ١٠] .
الثاني: قوله: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج: ١٢] قاله المبرد.
الثالث: أنه مقدر، فقال الزمخشري ولم يذكر غيره: هو محذوف يدل عليه قوله: {قُتِلَ أَصْحَابُ الأخدود} كأنَّه قيل: أقسم بهذه الأشياء أن كفار قريش ملعونون، كما لعن أصحاب الأخدود ثم قال: «قُتِلَ» دعاءٌ عليهم كقوله تعالى: {قُتِلَ الإنسان مَآ أَكْفَرَهُ} [عبس: ١٧] .
وقيل: التقدير: لتبعثن.
وقيل: فيه تقديم وتأخير، قتل أصحاب الأخدود والسَّماء ذات البروج، قاله أبو حاتم.
قال ابن الأنباري: وهذا غلط؛ لأنه لا يجوز لقائل أن يقول: والله قام زيد، على معنى: قام زيد والله.
وقرأ الحسن وابن مقسم: «قُتِّل» بتشديد التاء مبالغة أو تكثيراً.
قوله: {أَصْحَابُ الأخدود} ، أي: لعن أصحاب الأخدود.
قال ابن عباس: كل شيء في القرآن «قُتِلَ» فهو: لُعِنَ، والأخدود الشقُّ العظيم المستطيل الغائص في الأرض.
قال الزمخشريُّ: والأخدود: الخدُّ في الأرض وهو: الشق، ونحوهما بناء ومعنى: الخق والأخقوق، ومنه: «فَسَاخَتْ قوائمه في أخاقيق جرذان» انتهى.
فالخَدُّ: في الأصل مصدر، وقد يقع على المفعول، وهو الشق نفسه، وأمَّا الأخدود فاسم له فقط.