قال ابن الخطيب: معنى {سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى} أي: نزهه عن كل ما لا يليق به في ذاته، وفي صفاته، وفي أفعاله، وفي أسمائه، وفي أحكامه.
أمَّا في ذاته، فأن تعتقد أنها ليست من الجواهر والأعراض.
وأما في صفاته، فأن تعتقد أنها ليست محدثة ولا متناهية ولا ناقصة.
وأمَّا في أفعاله، فأن تعتقد أنه سبحانه مالك مطلق لا اعتراض لأحد عليه في أمر من الأمور.
وقالت المعتزلة: هو أن تعتقد أن كل ما فعله صواب حسن، وأنه سبحانه لا يفعل القبيح، ولا يرضى به، وأما في أسمائه: فأن لا تذكره - سبحانه وتعالى - إلَاّ بالأسماء التي لا توهم نقصاً بوجه من الوجوه، سواء ورد الإذن فيها أو لم يرد.
وأمَّا في أحكامه: فهو أن تعلم أن ما كلفنا به ليس لنفعٍ يعود إليه، بل لمحض المالكية على قولنا، او لرعاية مصالح العباد على قول المعتزلة.
فصل فيمن استدل بالآية على أن الاسم نفس المسمى
قال ابن الخطيب: تُمسِّك بهذه الآية في أن الاسم نفس المسمى.
وأقول: الخوض في هذه المسألة لا يمكن إلا بعد الكشف عن محل النزاع، فنقول: إن كان الاسم عبارة عن اللفظ؛ والمسمى عبارة عن الذات، فليس الاسم المسمى بالضرورة، فكيف يمكن الاستدلال على ما علم بالضرورة؟ نعم هنا نكتة، وهي أن الاسم هو اللفظ الدَّال على معنى في نفسه من غير زمن، والاسم كذلك، فيكون اسماً لنفسه، فالاسم هنا نفس المسمى، فعلى هذا يَرِدُ من أطلق ذلك؛ لأن الحكم بالتعميم خطأ، والمراد: الذي يدل على أن الاسم نفس المسمى هو أن أحداً لا يقول: سبحان الله وسبحان اسم ربنا، فمعنى «سبح اسم ربك» سبح ربك، والربُّ أيضاً اسم، فلو كان غير المسمى لم يجز أن يقع التسبيح عليه.
وهذا الاستدلال ضعيف، لما بيَّنا أنه يمكن أن يكون وارداً بتسبيح الاسم، ويمكن أن يكون المراد: سبح المسمى، وذكر الاسم صلة فيه، ويكون المراد: سبح باسم ربك، كما قال تعالى:
{فَسَبِّحْ
باسم
رَبِّكَ العظيم} [الواقعة: ٧٤] ، ويكون المعنى: سبح بذكر أسمائه.
فصل في تفسير الآية
روى أبو صالحٍ عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: صلِّ بأمر ربك الأعلى قال: وهو أن يقول: «سُبحانَ ربيّ الأعْلَى» وروي عن عليّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - وابن عباسٍ، وابن