للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويحتمل أن يريد كل شيء خلقه الله تعالى، فمن حمله على الإنسان ذكر للتسوية وجوهاً:

أحدها: اعتدال قامته، وحسن خلقته على ما قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: ٤] وأثنى على نفسه بسبب خلقه إياه بقوله تعالى: {فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين} [المؤمنون: ١٤] .

وثانيها: أن كل حيوان مستعد لنوعٍ واحدٍ من الأعمال فقط، وأما الإنسان، فإنه خلقه بحيثُ يمكنه أن يأتي بجميع الأعمال بواسطة الآلات.

وثالثها: أنه - تعالى - هيأه للتكليف، والقيام بأداء العبادات.

قال بعضهم: خلق في أصلاب الآباء، وسوَّى في أرحام الأمهات، ومن حمله على جميع الحيوانات، فمعناه: أنه أعطى كلَّ حيوان ما يحتاج إليه من آلاتٍ، وأعضاء، ومن حمله على جميع المخلوقات كان المراد من التسوية هو أنه - تعالى - قادر على كل الممكنات، علم بجميع المعلومات، يخلق ما أراد على وفق إرادته موصوفاً بالإحكام والإتقان، مبرأ عن النقص والاضطراب.

قوله: {والذي قَدَّرَ فهدى} ؛ قرأ الكسائيُّ وعليٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - والسلميُّ: «قدر» بتخفيف الدال، والباقون: بالتشديد.

والمعنى: قدر كل شيء بمقدار معلوم.

ومن خفف، قال القفَّال: معناه: ملك فهدى، وتأويله: انه تعالى خلق كل شيء، فسوى، وملك ما خلق، أي تصرف فيه كيف شاء وأراد هذا هو الملك، فهداه لمنافعه ومصالحه.

ومنهم من قال: إنهما لغتان بمعنى واحدٍ، وعليه قوله تعالى: {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ القادرون} [المرسلات: ٢٣] بالتشديد والتخفيف، وقد تقدم.

فصل في معنى الآية

قال مجاهدٌ: قدَّر الشقاوة والسعادة، وهدى للرشد والضلالة، وعنه: هدى الإنسان للسعادة والشقاوة، وهدى الأنعام لمراعيها.

وقيل: قدَّر أقواتهم وأرزاقهم، وهداهم لمعاشهم وإن كانوا أناساً، ولمراعيهم إن كانوا وحوشاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>