وأجاب ابنُ الخطيب عن هذا السؤال: بأنه في قوله: «أكرمني» صادق، وفي قوله:«أهانني» غير صادق فهو ظهن أنَّ قلة الدنيا، وتعسرها إهانة، وهذا جهل، واعتقاد فاسد، فكيف يحكي الله - تعالى - ذلك عنه؟ .
قيل: لما قال: «فَأكْرَمهُ» ، فقد صحَّ أنه أكرمه، ثم إنه حكى عنه أنه قال:«أكرمن» ذمه عليه فكيف الجمع بينهما؟ .
فالجواب: أن كلمة الإنكار: «كلَاّ» ، فلم لا يجوز أن يقال: إنَّها مختصة بقوله تعالى: «ربي أهانن» ؟ .
سمنا أن الإنكار عائد إليهما معاً، لكن يمكن أن يكون الذَّم؛ لأنه اعتقد أن ذلك الإكرام بالاستحقاق، أو أنه لما لم يعترف إلا عند سعة الدنيا، مع سبق النعم عليه من الصحة، والعقل دلَّ على أن غرضه من ذلك ليس الشكر، بل محبة الدنيا والتكثير بالأموال والأولاد، أو لأن كلامه يقتضي الإعراض عن الآخرة وإنكار البعث، كما حكى الله تعالى بقوله:{وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هذه أَبَداً}[الكهف: ٣٥] إلى قوله: {أَكَفَرْتَ بالذي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ}[الكهف: ٣٧] .