قوله: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ} . التراخي في الإيمان، وتباعده في المرتبة والفضيلة عن العتق والصدقة، لا في الوقت؛ لأن الإيمان هو السابق، ولا يثبت عمل إلَاّ به.
قاله الزمخشري وقيل: المعنى: ثُمَّ كان في عاقبة أمره من الذين وافوا الموت على الإيمان؛ لأنَّ الموافاة عليه شرط في الانتفاع بالطَّاعات.
وقيل: التراخي في الذكر.
قال المفسرون: معناه أنه لا يقتحم العقبة من فك رقبته، أو أطعم في يوم ذي مسغبة، حتى يكون من الذين آمنوا، أي: صدقوا، فإنّ شرط قبول الطاعات الإيمان بالله تعالى، فالإيمان بعد الإنفاق لا ينفع، قال تعالى في المنافقين: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَاّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله} [التوبة: ٥٤] .
وقيل: {ثُمَّ كَانَ مِنَ الذين آمَنُواْ} أي: فعل هذه الأشياء وهو مؤمن ثم بقي على إيمانه حتى الوفاة [فيكون المعنى: ثم كان مع تلك الطاعات من الذين آمنوا] ، نظيره قوله تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ اهتدى} [طه: ٨٢] .
وقيل: المعنى: ثم كان من الذين يؤمنون بأن هذا نافع لهم عند الله تعالى.
وقيل: أتى بهذه القرب لوجه الله - تعالى - ثم آمن بمحمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.
وقيل: إن «ثُمَّ» بمعنى: الواو، أي: وكان هذا المعتق للرقبة، والمطعم في المسغبةِ، من الذين آمنوا.
قوله: {وَتَوَاصَوْاْ بالصبر} ، أي: أوصى بعضهم بعضاً على طاعة الله، وعن معاصيه، وعلى ما أصابهم من البلاء والمصائب، {وَتَوَاصَوْاْ بالمرحمة} ، أي: بالرحمة على الخلق فإنَّهم إذا فعلوا ذلك، رحموا اليتيم والمسكين، ثم إنه تعالى بينهم، فقال تعالى: {أولئك أَصْحَابُ الميمنة} ، أي: الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم، قاله محمد بن كعب القرظي.
[وقال يحيى بن سلام: لأنهم ميامين على أنفسهم.
وقال ابن زيد: لأنهم أخذوا من شق آدم الأيمن.
وقال ميمون بن مهران لأن منزلتهم عن اليمين] .
قوله: {والذين كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا} ، أي: القرآن، {هُمْ أَصْحَابُ المشأمة} أي: يأخذون كتبهم