[وعن محمد بن كعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - إذا أراد الله تعالى لعبده خيراً ألهمه الخير فعمل به، وإذا أراد به الشر ألهمه الشرّ فعمل به.
وعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما - قال: ألهم المؤمن التقي تقواه وألهم الكافر فجوره، وعن قتادة: بين لها فجورها وتقواها، والفجور والتقوى مصدران في موضع المفعول] .
قال الواحدي: الإلهام هو أن يوقع الله في قلب العبد شيئاً، وإذا أوقع في قلبه فقد ألزمه إياه، من قولهم: لهم الشيء وألهمه: إذا بلغه، وألهمته ذلك الشيء، أي أبلغته، هذا هو الأصل ثم استعمل ذلك فيما يقذفه الله تعالى في قلب العبد لأنه كالإبلاغ.
قوله:{قَدْ أَفْلَحَ} . فيه وجهان:
أحدهما: أنه جواب القسم، والأصل: لقد وإنما حذفت لطول الكلام، والثاني: أنه ليس بجواب، وإنما جيء به تابعاً لقوله تعالى:{فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} على سبيل الاستطراد، وليس من جواب القسم في شيء، فالجواب محذوف، تقديره [ليدمرن] الله عليهم، أي: على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ كما دمدم على ثمود لتكذيبهم صالحاً - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - قال معناه الزمخشري. وقدر غيره: لتبعثن.
وقيل: هو على التقديم والتأخير بغير حذف، والمعنى: قد أفلح من زكاها، وقد خاب من دساها، والشمس وضحاها.
وفاعل «زكّاها» و «دسّاها» ، الظاهر أنه ضمير «مَنْ» .
وقيل: ضمير الباري تعالى، أي: أفلح وفاز من زكاها بالطاعة، وقد خاب من دساها أي: خسرت نفسٌ دسها الله تعالى بالمعصية، وأنحى الزمخشري على صاحب هذا القول لمنافرته مذهبه.
قال شهاب الدين: والحق أنه خلاف الظاهر، لا لما قال الزمخشري، بل لمنافرة نظمه للاحتياج إلى عود الضمير على النفس مقيدة بإضافتها إلى ضمير «من» .