للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أنَّه مَنَع منه كوْنُ المبتدأ نكرةً، والخبَر معرفةً، وهو ممنوعٌ إلَاّ في ضرائر الشِّعْر في بَعْض الأَبْوَاب.

واستَشكَلَ الشَّيْخُ أبو حَيَّان كَونَهُ بَدَلاً منْ «إِلَهَ» .

[قال: لأنَّه لَمْ يمكنْ تكريرُ العَامِلِ؛ لا نقولُ: «لَا رَجُلَ إِلَاّ زَيْدٌ» والذي يظهر أنه لَيْسَ بدلاً من «إلَه» ] ولا مِنْ «رَجُل» في قولك: «لَا رَجُلَ إِلَاّ زَيْدٌ» ، غنما هو بَدَلٌ من الضَّمير المستكنِّ في الخبر [المحْذُوفِ، فإذا قلنا: لا رجل إلاّ زيَدٌ، فالتقديرُ: «لَا رَجُلَ كائنٌ، أو مَوْجُودٌ إِلَاّ زَيْدٌ» ، ف «زَيْدٌ» بدلٌ من الضمير المستكنِّ في الخبر] لا مِنْ «رَجُل» ، فليس بدلاً على مَوْضِع اسم «لا» ، وَإِنَّما هو بدلٌ مَرْفُوعٌ منْ ضمير مَرْفوعٍ، وذلك الضَّميرُ هو عائدٌ على اسم «لا» ، ولولا تصريح النَّحويِّين: أنَّه بَدَلٌ على الموضِعِ مِنِ اسم «لَا» ، لتأوَّلنا كلامَهُمْ على ما تقدَّم تأويلُهُ.

قال شهاب الدين: والَّذي قالُوهُ غَيْرُ مُشْكِلٍ؛ لأنهم لم يقولُوا: هو بدَلٌ من اسْم «لَا» على اللَّفظِ؛ حتى يلزمَهُمْ تكريرُ العامِلِ، وإنَّما كان يشكلُ لو أجازُوا إبْدَالَهُ مِن اسْمِ «لَا» على اللَّفظِ، وهم لم يجيزوا ذلك لعَدَم تكير العَامِلِ، ولذلك منعوا وجْهَ البَدَلِ في قولهمْ «لَا إِلَهَ إِلَاّ اللهُ» وجعلُوهُ انتصاباً على الاستِثْناءِ، وأَجَازُوهُ في قولك: «لا رَجُلَ في الدَّارِ إلَاّ صاحِباً لك» لأنَّه يُمْكِن فيه تكريرُ العَامِلِ.

قوله تعالى: «الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ» فيه أربعةُ أوْجُهٍ:

أحدها: أن يكونَ بَدَلاً منْ «هُوَ» بدَلَ ظاهرٍ مِنْ مُضْمَرٍ، إلا أن هذا يُؤَدِّي إلى البَدَلِ بالمُشْتقَّاتِ وهو قليلٌ؛ ويُمْكِنُ أنْ يجاب بأنَّ هاتَين الصفتَيْن جَرَتا مَجْرَى الجوامِدِ ولا سِيَّمَا عنْدَ من يَجْعل [الرَّحْمن] علماً، وقد تقدَّم تحقيقُهُ في «البَسْمَلَةِ» .

الثاني: أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: هُو الرَّحْمَنُ، وحسَّنَ حذْفَهُ توالي اللفْظِ ب «هُوَ» مرَّتَيْن.

الثالث: أن يكوم خبراً ثالثاً لقوله: «وَإلَهُكُمْ» أخبر عنْهُ بقوله: «إِلَهٌ وَاحِدٌ» وبقوله: «لَا إِلهَ إِلَاّ هُوَ» وبقوله: «الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ» ، وذلك عند مَنْ يَرَى تعدّدَ الخَبَرِ مُطْلقاً.

الرابع: أن يكون صفةً لقولِهِ «هُوَ» ، و [ذلك] عند الكِسَائِيِّ؛ فإنَّه يجيزُ وَصف الضَّمير الغائب بصفة المَدح، فاشترط في وصف الضَّمير هذَين الشَّرْطَين: أن يكون غائباً، وأن تكون الصفَةُ صفةَ مَدْحٍ؛ وإن كان ابنُ مالكٍ أطْلَقَ عَنْه جوازَ وَصْفِ ضمير

<<  <  ج: ص:  >  >>