أمروا إلا أن يعبدوا، أي بأن يعبدوا، وتقديم تحرير مثله عند قوله تعالى:{وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ العالمين} في سورة الأنعام: [آية: ٧١]] .
فصل في معنى الآية
قال المفسرون: المعنى، وما أمر هؤلاء الكفار في التوراة والإنجيل {إِلَاّ لِيَعْبُدُواْ الله} ، أي: ليوحدوه، واللام بمعنى «أنْ» كقوله تعالى: {يُرِيدُ الله لِيُبَيِّنَ لَكُمْ}[النساء: ٢٦] ، ومنه قوله تعالى:{قُلْ إني أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله مُخْلِصاً لَّهُ الدين}[الزمر: ١١] أي: العبادة، وفي هذا دليل على وجوب النية في العبادات، فإن الإخلاص عمل القلب، وهو أن يراد به وجه الله لا غيره، وقوله تعالى:{حُنَفَآءَ} ، أي: مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام، وكان ابن عباس يقول: حنفاء: على دين إبراهيم عليه السَّلام.
وقيل: الحنيف: من اختتن وحجّ، قاله سعيد بن جبير.
وقال أهل اللغة: وأصله أنه تحنف إلى الإسلام، أي: مال إليه.
قوله:{وَيُقِيمُواْ الصلاة} ، أي يصلُّوها في أوقاتها {وَيُؤْتُواْ الزكاة} ، أي: يعطوها عند محلها، وقوله:{وَذَلِكَ دِينُ القيمة} أي: ذلك الدين الذي أمروا به دين القيمة، أي: الدين المستقيم، وقال الزجاج أي: ذلك دين الملة المستقيمة، و «القَيِّمَةِ» نعت لموصوف محذوف، وقيل:«ذلك» إشارة إلى الدين، أي ذلك الدين الذي أمروا به أي الدين المستقيم أي ذلك دين الأمة القيمة.
وقال محمد بن الأشعث الطالقاني: الكتب القيمة، لأنها قد تقدمت في الذكر، قال تعالى:{فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} فلما أعادها مع «أل» العهدية، كقوله تعالى:{فعصى فِرْعَوْنُ الرسول}[المزمل: ١٦] ، وهو حسن.
وقرأ الحسن، وعبد الله:«وذلك الدين القيمة» ، والتأنيث حينئذٍ، إما على تأويل الدين بالملة، كقوله:[البسيط]