وقال الفراء: والضبح: أصوات أنفاسها إذا عدون. وقيل: كانت تكمكم لئلا تصهل، فيعلم العدو بهم، فكانت تتنفس في هذه الحال بقوة.
ونقل عن ابن عباسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: أنه لم يضبح من الحيوان غير الخيل والكلب والثعلب، وهذا ينبغي أن يصحَّ عنه؛ لأنه روي عنه أنه قال: سُئلتُ عنها، ففسرتها بالخيل؛ وكان علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - تحت سقاية زمزم، فسأله، فذكر ما قلت؛ فدعاني، فلما وقفت على رأسه، قال: تفتي الناس بغير علمٍ، والله إنها لأولُ غزوةٍ في الإسلامِ، وهي بدر، ولم يكن معنا إلا فرسان: فرسٌ للمقدادِ، وفرس للزبير، فكيف تكون العاديات ضبحاً؟ إنما العاديات الإبل من «عرفة» إلى «المزدلفة» ، ومن «المزدلفة» إلى «منى» يعني إبل الحاج.
قال ابن عباسٍ: فرجعت إلى قول علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - وبه قال ابن مسعود، وعبيد بن عمير، ومحمد بن كعب، والسديُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم.
إلا أن الزمخشري، قال بعد ذلك:«فإن صحت الروايةُ، فقد استعير الضبحُ للإبل، كما استعير المشافر والحافر للإنسان، والشفتان للمُهْرِ» .
ونقل غيره: أن الضبح، يكون في الإبل، والأسود من الحيَّات، والبُوم، والصدى، والأرنب، والثعلب، والفرس.
وأنشد أبو حنيفة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه:[الرجز]
٥٢٧٠ - حنَّانةٌ من نشَمٍ أو تَألَبِ ... تَضْبَحُ في الكفِّ ضُباحَ الثَّعْلبِ
قال شهاب الدين: وهذا عندي من الاستعارة، ونقل أهل اللغة أن أصل الضبح في الثعلب فاستعير للخيل، وهو ضبحته النار، إذا غيرت لونه ولم تبالغ وانضبح لونه تغير لسواد قليل، والضبح أيضاً الرماد.