أحدها: سهو الرسول - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - وأصحابه، وذلك يجبر بالسنن تارة، وبالسُّنن والنوافل تارة.
والثاني: ما يكثر في الصلاة من الغفلة، وعدم استحضار النِّيَّة، وهذا يقع كثيراًَ.
والثالث: ترك الصَّلاة، لا إلى قضاء الإخراج من الوقت، ومن ذلك صلاة المُنافق؛ لأنه يستهزئ بالدين، والفرق بين المُنافق والمُرائي: أنَّ المنافق يبطن الكفر ويظهر الإيمان والمرائي: إنما يظهرُ زيادة الخُشُوع ليعتقد من يراه دينه، أو يقال: إن المنافق لا يصلي سراً، والمرائي تكون صلاته عند النَّاس.
قال ابن العربي: السَّلامة عند السَّهو محال.
قوله: {الذين هُمْ يُرَآءُونَ} ، أي: يُري الناس أنه يصلي طاعة، وهو يصلي تقيَّة كالفاسق، يري أنه يصلي عبادة، وهو يصلي ليقال: إنه يصلي، وحقيقة الرِّياء: طلب ما في الدنيا بالعبادة، وأصله: طلب المنزلةِ في قُلوب الناس، وهو من وجوه:
أولها: تحسين السَّمت، يريد بذلك الجاه، والثناء.
وثانيها: الرياء بالثياب القصار والخشنة ليتشبه بالزهادِ.
وثالثها: إظهار السخط على الدنيا، وإظهار الوعظ، والتأسّف على فوات الخير والطاعة.
ورابعها: إظهار الصلاة، والصدقة، وتحسين الصلاة، لأجل رؤية الناس، وغير ذلك مما يطول ذكره.
فصل في الرياء
لا يكون الرجل مُرائياً بإظهار العمل المفروض، لأن حق الفرائض الإعلان وإشهارها لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «ولا غمةُ فِي فَرائضِ اللهِ» ، ولأنها أعلام الإسلام وشرائع الدين، ويستحق تاركها الذم، والمَقْت، فوجب إماطة التُّهمة بإظهارها، وأما التطوع فحقه أن يخفى؛ لأنه مما لا يلام بتركه، ولا تهمة فيه، فإن أظهره قاصداً للاقتداء كان جميلاً، وإن قصد بإظهاره أن الأعين تنظر إليه، ويثنى عليه بالصَّلاح فهو الرياء.
قوله: {وَيَمْنَعُونَ الماعون} . في «المَاعُون» أوجه:
أحدها: «فاعول» من المعن، وهو الشيء القليل، يقال: ما له معنة، أي: قليل، قاله قطربٌ.
الثاني: أنه اسم مفعول من أعانه يعينه [والأصل: مَعُون، وكان من حقّه على هذا أن يقال: معون ك «مقول» و «مصون» اسم مفعول من: قال وصان، ولكن قلبت الكلمة بأن قدمت عينها قبل فائها، فصار موعون، ثم قلبت الواو الأولى الفاً كقولهم تاب وصام في توبة وصومة، فوزنه الآن مفعول، وفيه شذوذ معان كقام، وأما مفعول فاسم مفعول الثلاثي.