وقال سعيد بن المسيب: كانت قلادة واحدة من جوهر، فقالت: واللات والعزى لأنفقها في عداوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ويكون عذاباً في جيدها يوم القيامة.
وقيل: إن ذلك إشارة إلى الخذلان يعني أنها مربوطة عن الإيمان بما سبق لها من الشقاء كالمربوط في جيدها بحبل من مسد.
٥٣٥١ - يَمْسدُ أعْلَى لحْمِهِ ويَأرِمُهْ ... يقول: إن البقل يقوي ظهر هذا الحمار.
وقال ابن الخطيب: وقيل: المسد يكون من الحديد، وظنُّ من ظنَّ أن المسد لا يكون من الحديد خطأ، لأن المسد هو المفتول سواء كان من الحديد، أو من غيره، ورجل ممسود، أي: مجدول الخلق وجارية حسنة المسد، والعصب، والجدل، والأرم، وهي ممسودة، ومعصوبة، ومجدولة، ومأرومة؛ والمساد: على «فِعَال» : لغة في المساب، وهي نحي السمن، وسقاء العسل، قال كل ذلك الجوهري.
[فإن قيل: إن كان هذا الحبل كيف يبقى أبداً في النار؟ .
قلنا: كما يبقى الجلد واللحم والعظم أبداً في النار] .
فصل في الإخبار عن الغيب
تضمنت هذه الأيات الإخبار عن الغيب من ثلاثة أوجه:
أولها: الأخبار عنه بالتباب، والخسار، وقد كان ذلك.
وثانيها: الإخبار عنه بعدم الانتفاع بماله وولده، وقد كان ذلك.
وثالثها: الإخبار بأنه من أهل النَّار، وقد كان ذلك، لأنه مات على الكفر، هو وامرأته، ففي ذلك معجزة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فامرأته خنقها الله - تعالى - بحبلها، لعنها الله تعالى، وأبو لهبٍ رماه الله بالعدسةِ، بعد وقعة بدر بسبع ليال، فمات، وأقام ثلاثة أيام، ولم يدفن حتى أنتن، ثم إن ولده غسلوه بالماء قذفاً من بعيد مخافة عدوى العدسةِ، وكانت قريش تتقيها كما يتقى الطاعون، ثم احتملوه إلى أعلى «مكة» ، وأسندوه إلى جدار، ثم صمُّوا عليه الحجارة.