للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النصارى من يقول: عيسى ولدُ الله حقيقة، ومنهم من يقول: إن الله اتخذه ولداً تشريفاً، فنفى الأمرين.

فصل في الرد على من أسقط «قل هو»

قال القرطبي: وقد أسقط من هذه السورة من أبعده الله وأخزاه، وجعل النار مقامه ومثواه، وقرأ «الله الواحد الصمد» والناس يستمعون، فأسقط «قل هو» وزعم أنه ليس من القرآن، وغير لفظ «أحد» ، وادَّعى أن هذا الصواب، والذي عليه الناس هو الباطلُ، فأبطل معنى الآية، لأن أهل التفسير قالوا: نزلت الآية جواباً لأهل الشركِ، لما قالوا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: صِفْ لَنَا ربَّك أمِنْ ذهبٍ هُو أم من نُحاس أم من [صفر] ؟ .

فقال الله تعالى رداً عليهم: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} ، ففي «هُوَ» دلالة على موضع الرد، ومكان الجواب، فإذا سقط بطل معنى الآية، وصح الافتراء على الله - عَزَّ وَجَلَّ - والتكذيب لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ.

وروى الترمذي عن أبيِّ بن كعب: أن المشركين قالوا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «انسب لنا ربك» فأنزل الله تعالى: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ الله الصمد لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} ، والصمد: الذي لم يلد، ولم يولد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله تعالى لا يموت، ولا يورث.

وروى أبو العالية: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ذكر آلهتهم، فقالوا: انسب لنا ربك، قال: فأتاه جبريل بهذه السورة: {قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ} .

قال الترمذي: وهذا أصحّ.

قال القرطبيُّ: «ففي هذا الحديث إثبات لفظ،» قل هو الله أحد «، وعن عكرمة نحوه» .

وقال ابن عباس: «لَم يلدْ» كما ولدت مريم، و «لَمْ يُولدْ» كما ولد عيسى، وعزير، وهو رد على النصارى، وعلى من قال: عزير ابن الله، {وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ} فقدم خبر كان على اسمها، لينساق أواخر الآي على نظم واحدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>