للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأن السورة إنما نزلت في الاستعاذة من السِّحر، وذلك إنَّما يتم بإبليس وجنوده، لعنهم الله، وقيل: جهنم وما خلق فيها.

وقيل: عام؛ أي من شر كل ما خلقه الله وقيل: ما خلق الله من الأمراض، والأسقام [والقحط] وأنواع المِحَنْ.

وقال الجبائي والقاضي: هذا التقييد باطل؛ لأن فعل الله - تعالى - لا يجوز أن يوصف بأنه شر؛ لأن الذي أمر بالتعوذ منه هو الذي أمر به، وذلك متناقض؛ لأن أفعاله - تعالى - كلها حكمة وصواب، فلا يجوز أن يقال: شرّ.

وأيضاً: فلأن فعل الله لو كان شرَّا؛ لوصف فاعله بأنه شر، وتعالى الله عن ذلك.

والجواب عن الأول: أنه لا امتناع في قوله: أعوذ بك منك، كما رد عن الثاني أن الإنسان لم تألم وصف بالألم كقوله تعالى: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] ، وقوله تعالى: {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] .

وعن الثالث: أن أسماء الله توقيفية لا اصطلاحية، ومما يدل على جواز تسمية الأمراض والأسقام بأنها شرور قوله تعالى: {إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً} [المعارج: ٢٠] .

قوله: {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} ، «إذا» منصوب ب «أعوذ» أي: أعوذ بالله من هذا في وقت كذا، كذا.

والغسقُ: هو أول ظلمةِ الليل، يقال منه: غسق الليل يغسق، أي: يظلم.

قال ابن قيس الرقيَّات: [المديد]

٥٣٦٦ - إنَّ هَذا اللَّيْلَ قدْ غَسقَا ... واشْتكَيْتُ الهَمَّ والأرَقَا

وهذا قول ابن عباس والضحاك وقتادة والسدي وغيرهم، ووقب على هذا: أظلم.

وقيل: نزل، قال: وقب العذاب على الكافرين: نزل.

٥٣٦٧ - وقَبَ العَذابُ عَليْهِمُ فكَأنَّهُمْ ... لحِقَتْهُمْ نَارُ السَّمُومِ فأحْصِدُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>