للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نتبرّأهُ، أي: التَّبَرُّؤَ، مُشَابِهاً لِتَبَرُّئِهِمْ «؛ كما تقرَّر غير مرَّة.

وقال ابن عطيَّة: الكاف في قوله: «كَمَا» في موضع نصب على النَّعت: إمّا لِمَصدرٍ: أو لحال، تقديره: مُتَبَرِّئِينَ، كما قال أبو حَيَّان. أمَّا قوله «لِحَالِ» تقديرُهُ: «مُتَبَرِّئِينَ كما» فغيرُ واضحٍ، لأنَّ «ما» مصدرية، فصارتِ الكافُ الداخلة عليها مِن صفات الأفَفعال و «مُتَبرِّئين» : من صفات الأَعْيَان، فكيف يُوصف بصفات الأَفعال.

قال: وأَيضاً لا حاجة لتقدير هذه الحال، لأنَّها إذ ذاك تكون حالاً مؤكِّدة، وهي خلافٌ الأَصل، وأيضاً: فالمؤكَّد ينافِيهِ الحَذفُ؛ لأنَّ التوكيد يُقَوِّيه، فالحَذْفُ يناقضه.

فصل في معنى التبرؤ

قال ابن الخطيب - رَحِمَهُ اللهُ - قولهم: {لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّا} ذلك تمنٍّ منهم للرجعة إلى الدُّنْيا، كما تبرءوا يَوْمَ القيامة منهم ومفهوم الكلام: أَنَّهُمْ تمنُّوا لهم في الدُّنيا ما يُقَاربُ العذابَ، فيتبرّءُونَ منهم، ولا يخلصونهم، كما فعلوا بهم يومَ القيامة، وتقديرُه: فلو أنَّ لنا كَرَّةً فنتبرَّأَ منهم، وقد دَهَمَهُمْ مثلُ هذا الخَطْب، كما تبرءوا منَّا، والحالُ هذه؛ لأنَّهم إِنْ تَمَنَّوا التبرُّؤ منهم، مع سلامةٍ، فأيُّ فائدة؟ .

قال القُرطبي: التبرُّؤُ: الانفصال.

قوله تعالى: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ الله} في هذه «الكافِ» قولان:

أحدهما: أنَّ موضعها نصبٌ: إِمَّا نعتُ مصدرٍ محذوفٍ، أو حالً من المَصدر المعرَّفِ، أي: يُريهمْ رؤية كذلك، أو يَحْشُرُهُمْ حَشْراً كَذَلِكَ، أوْ يَجزظِيهم جَزَاءً كذلك، أو يُريهم الإراءة مشبهةً كذلك ونحو هذا.

الثاني: أن يكون في موضع فرع، على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: الأمر كذلك، أو حَشْرُهُمْ كذلك، قاله أبو البقاء.

قال أبو حيَّان: وهو ضعيفٌ؛ لأنَّه يقتضي زيادة الكاف، وحذف مبتدأ، وكلاهما على خلاف الأَصل والإشارة بذلك إلى رأيهم تلك الأهوال والتقديرُ: مثل إراءتهم الأهوال، يريهمُ اللهُ أعمالَهُمْ حسَرَاتٍ.

وقيل: الإشارةُ إلى تبرُّؤ بعضهم من بعض والتقديرُ: كَتَبَرُّؤ بعضهم من بعض، يريهمُ اللهُ أعمالهُم حسَراتٍ عليهمح وذلك لانقطاع الرَّجَاء منْ كُلِّ أحدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>