للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

خَطَوَات» ، بفتح الخاء، والطاء، وقرأ عليٌّ وقتادة، والأعمش بضمِّها، والهمز

فأما قراءة الجمهور، والاولى من قراءتي أبي السَّمَّال، فلأن «فُعْلَة» الساكنة العين، السَّالِمَتَهَا، إذا كان اسماً، جاز في جمعها بالألف والتاء ثلاثة أوجهٍ، وهي لغاتٌ مسموعةً عن العرب: السُّكون، وهو الأصل، والإتباع، والفتح في العين، تخفيفاً.

وأما قراءة أبي السَّمَّال التي نقلها ابنُ عطيَّة، فهي جمع «خَطْوَة» بفتح الخاء، والفرق بين الخطوة بالضَّمَّ، والفتح: أنَّ المفتوح: مصدر دالًّ على المرَّة، من: خَطَا يَخْطُوا، إذا مشى، والمضموم: اسمٌ لما بين القدمين؛ كأنَّه اسم للمسافة؛ كالغرفة اسم للشيء المغترف.

وقيل: إنَّهما لغتان بمعنى واحدٍ ذكره أبُو البَقَاءِ.

وأمَّا قراءةُ عليٍّ، ففيها تأويلان:

أحدهما - وبه قال الأَخْفَشُ -: أنَّ الهمزة أصلٌ، وأنَّه من «الخَطَأ» ، و «خُطُؤَات» جمع «خِطْأَة» إن سمع، وإلَاّ فتقديراً، وتفسير مجاهد إياه ب «الخَطَايَا» يؤيِّد هذا، ولكن يحتملُ أن يكون مجاهد فسَّره بالمرادف.

والثاني: أنه قلب الهمزة عن الواو؛ لأنَّها جاورة الضمّة قبلها؛ فكأنها عليها؛ لأنَّ حركة الحرف بين يديه على الصَّحيح، لا عليه.

فصل

قال ابن السَّكِّيتِ - فيما رواه عن اللِّحْيَانِيِّ - الخَطْوَة بمعنى واحدٍ، وحكى على الفرَّاء الخُطْوَة ما بين القدمين؛ كما يقال: حَثَوْتُ حُثْوَةً، والحُثْوَة: اسمٌ لما تَحَثَّيْتَ، وكذلك غَرَفْتُ غُرْفَةًن والغُرْفَة: هو الشيء المُغْتَرَفُ بالكَفِّ، فيكون المعنى: لا تتَّبعوا سبيله، ولا تسلكوا طريقه؛ لأنَّ الخُطْوَة اسم مكان.

قال الزَّجَّاج وابن قُتَيْبَة: خُطُوَاتُ الشَّيْطان طُرُقُهُ، وإن جعلت الخطوة مصدراً، فالتقدير: لا تَأَتَمُّوا به، ولا تَتَّبِعُوا أَثَرَهُ، والمعنى: أن الله تعالى، زجر المكلَّف عن تخطِّي الحلال إلى الشُّبه؛ كما زجره عن تخطِّيه إلى الحرام، وبيَّن العلَّة في هذا التحذير، وهو كونه عدوّاً مبيناً، أي: متظاهراً بالعداوة؛ وذلك لأنَّ الشيطان التزم أموراً سبعةً في العداوة:

أربعة منها في قوله تعالى: {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأنعام وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ الله} [النساء: ١١٩] .

<<  <  ج: ص:  >  >>