للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال القُرْطُبِيُّ: لا خلاف في أنَّ جملة الخنزير محرَّمةٌ، إلَاّ الشَّعر، فإنَّه يجوز الخرازة به.

قوله: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ] : «مَا» موصولةٌ بمعنى «الَّذِي» ، ومحلُّها: إمَّا النصبُ، وإمَّا الرفع؛ عطفاً على «المَيْتة» والرَّفع: إما خبر «إنّ» ، وإما على الفاعلية؛ على حسب ما تقدم من القراءات؛ و «أُهِلَّ» مبنيٌّ للمفعول، والقائم مقام الفاعل هو الجار والمجرور في «بِهِ» والضمير يعود على «ما» والباء بمعنى «في» ولا بد من حذف مضافٍ، أي: «في ذبحه» ؛ لأن المعنى: «وما صِيحَ في ذَبْحِهِ لغير الله» ، والإهلال: مصدر «أَهَلَّ» ، أي: صَرَخَ.

قال الأصْمعِيُّ: أصله رفع لاصَّوت، وكلُّ رافعٍ صوته، فهو مهلٌّ. ومنه الهلالُ؛ لأنَّه يصرخ عند رؤيته، واستهلَّ الصبُّح قال ابن أحمر: [السريع]

٩٠١ - يُهِلُّ بِالغَرْقَدِ غَوَّاصُهَا ... كَمَا يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ

وقال النَّابِغَةُ: [الكامل]

٩٠٢ - أَوْ دُرَّةٍ صَدَفِيَّةٍ غَوَّاصُهَا ... بَهِجٌ مَتَى يَرَهَا يُهِلَّ وَيَسْجُدِ

وقال القائل: [المديد]

٩٠٣ - تَضْحَكُ الضَّبعُ لِقَتْلَى هُذَيْلٍ ... وَتَرَى الذِّئْبَ لَهَا يَسْتَهِلُّ

وقيل للمحرم: مُهِلٌّ؛ لرفع الصوت باتَّلبية، و «الذَّبح» مهلٌّ؛ لأنَّ العرب كانوا يسمُّون الأوثان عند الذَّبح، ويرفعون أصواتهم بذكرها، فمعنى قوله: {وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ الله} ، يعني: ما ذبح للأصنام، والطَّواغيت، قاله مجاهد، والضَّحَّاك وقتادة، وقال الرَّبيع ابن أنسٍ، وابن زيد: يعني: ما ذكر عليه غير اسم الله.

قال ابن الخطيب - رَحِمَهُ اللهُ -: وهذاالقول أولى؛ لأنَّه أشدُّ مطابقةً للَّفظ.

قال العلماء: لو ذبح مسلم ذبيحةً، وقصد بذبحها التقرُّب إلى [غير] الله تعالى، صار مرتدّاً، وذبيحته ذبيحة مرتدٍّ، وهذا الحكم في ذبائح غير أهل الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>