قال الشعبي: لو صمت السَّنة كلَّها، لأفطرت اليوم الذي يشك فيه، فيقال: من شعبان، ويقال: من رمضان.
وخامسها: أن وجه التَّشبيه أن يحرم الطَّعام والشَّراب والجماع بعد اليوم؛ كما كان قبل ذلك حراماً على سائر الأمم؛ لقوله تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصيام الرفث إلى نِسَآئِكُمْ}[البقرة: ١٨٧] . فإن هذا يفيد نسخ هذا الحكم، ولا دليل يدلُّ عليه إلَاّ هذا التَّشبيه، وهو قوله:{كَمَا كُتِبَ عَلَى الذين مِن قَبْلِكُمْ} ؛ فَوَجبَ أن يكُون هذا التَّشبيه دالاًّ على ثبوت هذا المعنى.
قال أصحاب القول الأول: إن تشبيه شيء بشيء لا يدلُّ على مشابهتهما من كلِّ الوجوه، فلم يلزم من تشبيه صومنا بصومهم أن يكون صومهم مختصّاً برمضان، وأن يكون صومهم قدَّراً بثلاثين يوماً، ثم إنَّ مثل هذه الرِّواية منا ينفِّر من قبول الإسلام، إذا علم اليهود والنصارى كونه كذلك.
وقوله:{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} يعني: بالصَّوم؛ لأنَّ الصَّوم وصلةٌ إلى التَّقوى؛ لما فيه من قهر النَّفسِ، وكسر الشَّهوات، وقيل: لعلَّكم تحذرون عن الشَّهوات من الأكل، والشُّرب، والجماع، وقيل:«لعلَّكم تتَّقون» إهمالها، وترك المحافظة عليها، بسبب عظم درجتها، وقيل: لعلَّكم تكونون بسبب هذه العبادة في زمرة المتقين، لأن الصوم شعارهم.