والمِسفرة: المِكْنَسَة؛ لأنَّها تكشِفُ التُّراب عن الأَرْض، والسَّفير: الدَّاخل بين اثْنَيْن للصلح؛ لأنَّه يكشِفُ الَّذي اتَّصل بهما، والمُسْفِر المُضِيء؛ لأنه قد انْكَشَف وظَهَر، ومنه: أَسْفَر الصُّبح، والسِّفر: الكتَابُ؛ لأنه يكشِف عن المعاني ببيانهِ. وسَفَرتِ المرأَةُ عن وجهها، إذا كشَفَت النقابِ.
قال الأزهري: وسُمِّي المسافرُ مُسِافراً؛ لكشف قناع الكنِّ عن وجهه، وبُرُوزه إلى الأرضِ الفَضَاءِ، وسُمِّي السَّفَر سَفَراً أيضاً؛ لأنَّه يسفر عن وجُوه المُسَافرين، وأخْلَاقهم، ويظهر ما كان خافياً منهُم، والله أعْلَم.
فصل في السفر المبيح للقصر والفطر
اختلفُوا في السَّفر المُبيح للقَصر والفِطْر بعد إِجماعهم على سَفَر الطَّاعة؛ كالحَجِّ والجهاد، ويتصلُ بهذين سفرُ صلةِ الرَّحِمِ، وطَلَبِ المعاشِ الضروريِّ، وأمَّا سَفَر التجاراتِ والمُبَاحات، فمختلَفٌ فيه، والأرجح الجوازُ، وأمَّا سَفَر المعاصِي؛ فمختلفٌ فيه، والمنع فيه أرجحُ.
فصل
قال القرطبيُّ: اتَّفق العلماء على أنَّ المُسَافر في رَمَضان لا يجوزُ له أنْ يُبَيِّتَ الفِطْر؛ لأنَّ المُسَافِرَ لا يكُونُ مُسَافراً بالنِّيَةِ؛ بخلاف المقيم، وإِنما يكونُ مسافراً العَمَل، والنُّهُوض، والمقيمُ لا يفتقر إِلى عَمَل؛ لأنه إذا نوى الإقامة، كان مقيماً في الحين؛ لأن الإقامة لا تفتقر إلى عَمَلٍ، فافترقا.
فصل في قدر السَّفر المبيح للرُّخص
اختلفُوا في قَدر السَّفر المُبيح للرُّخص، فقال داود: كُلُّ سفر، ولو كان فَرْسَخاً، وتخصيص عمومِ القرآن بخَبَر الواحِدِ غيرُ جائزٌ.