والثاني: أن يكون بدلاً من قوله «الصِّيَامُ» ، أي: كُتِبَ عَلَيْكُمْ شَهْرُ رمَضَانَ، وهذا الوجه، وإن كان ذهب إليه الكسائيٌّ بعيدٌ جدّاً؛ لوجهين:
أحدهما: كثرة الفصل بين البدل والمبدل منه.
والثاني: أنَّه لا يكون إذا ذاك إلَاّ من بدل الإشمال، وهو عكس بدل الاشتمال، لأنَّ بدل الاشتمال غالباً بالمصادر؛ كقوله:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشهر الحرام قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ}[البقرة: ٢١٧] ، وقول الأعشى:[الطويل]
وهذا قد أُبْدِلَ فيه الظرفُ من المصْدَرِ، ويمكن أن يُوَجَّهَ قوله بأنَّ الكلامَ على حذفِ مضافٍ، تقديره: صيامُ شَهْرِ رَمَضَانَ؛ وحينئذٍ: يكون من باب بَدَلِ الشَّيء من الشَّيْءِ، وهما لعين واحدة، ويجوزُ أن يكون الرَّفع على البدلِ من قوله «أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ» في قراءة من رَفَعَ «أيَّامً» ، وهي قراءة عبد الله، وفيه بُعْدٌ.
الثاني - وذكره الأخفشُ والرُّمَّانِيُّ -: أن يكون بدلاً من قوله «أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ» ، وهذا يُقَوِّي كون الأيام المعدُودَاتِ هي رمضان، إلا أن فيه بُعْداً من حيث كثرةُ الفَصْلِ.
الثالث: نَصْبُه على الإغراء؛ ذكره أبو عُبَيْدة والحُوفِيُّ.
الرابع: أن ينتصبَ بقوله: «وأنْ تَصُومُوا» ؛ حكاه ابن عطية، وجوَّزه الزمخشريُّ، واعترض عليه؛ بأن قال: فَعَلى هذا التقدير يصير النَّظم: «ْ تَصُومُوا رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ خَيْرٌ لَكُمْ»
فهذا يقتضي وقوعَ الفَصْل بين المبتدأ والخَبَر بهذا الكَلامَ الكثير، وهو غَيْرُ جائزٍ؛ لأنَّ المبتدأ والخَبَر جاريان مَجْرَى شيءٍ واحدٍ، وإيقاع الفضْلِ بين الشَّيءِ الواحد غيرُ جائزٍ. وغلَّطَهُما أبو حيان: بأنَّه يَلْزَمُ منه الفصلُ بين الموصول وصلته بأجنبيٍّ، لأنَّ الخبر، وهو «خَيْرٌ» أَجْنَبِيٌّ من الموصول، وقد تقدَّم أنه لا يُخْبَرُ عن الموصول، إلَاّ بعد