والثاني: أن القُرَّاء أجمعُوا على كسر هذه اللام، ولو كانت للأمر، لجاز فيها الوجهان: الكسرُ والإسكانُ كأخواتها.
وقرأ الجمهورُ «وَلِتُكْمِلُوا» مخفَّفاً من «أكْمَلَ» ، والهمزةُ فيه للتعدية، وقرأ أبو بكرٍ بتشديدِ الميم، والتضعيفُ للتعدية أيضاً؛ لأنَّ الهمزة والتضعيف يتعاقبان في التعدية غالباً، والألفُ واللَامُ في «العِدَّةِ» تَحْتَملُ وجهين:
أحدهما أنها للعهدِ، فيكونُ ذلك راجعاً على قوله تعالى:{فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وهذا هو الظاهرُ.
والثاني: أنْ تكونَ للجنس، ويكونُ ذلك راجعاً على شهرِ رمضانَ المأمورِ بصَومهِ، ولامعنى: أنكم تأتُون ببدلِ رمضان كاملاً في عِدَّته، سواءً كان ثلاثين أم تسعةً وعشرين.
قال ابن الخطيب: إنما قال: «وَلِتُكْمِلُوا العِدّةَ» ولم يقل: «ولِتُكْمِلُوا الشَّهْرَ» ؛ لأنه لما قال:«وَلِتُكْمِلُوا العِدَّة» دخل تحته عدة أيَّام الشهر، وأيام القضاء، لتقدُّم ذكرهما جميعاً؛ ولذلك يجب أن يكون عدد القضاء مثلاً لعدد المضي، ولو قال:«وَلِتُكْمِلُوا الشَّهْرَ» لدل على حكم الأداء فقط، ولم يدخل حكم القضاء.
واللامُ في «وَلِتُكَبِّرُوا» كهي في «وَلِتُكْمِلُوا» فالكلامُ فيها كالكلام فيها، إلا أن القول الرابع لا يتأتَّى هنا.
قوله:«عَلَى مَا هَدَاكُمْ» هذا الجارُّ متعلِّقٌ ب «تُكَبِّرُوا» وفي «عَلَى» قولان:
أحدهما: أنها على بابها من الاستعلاءِ، وإنما تَعَدَّى فعلُ التكبير بها؛ لتضمُّنِهِ معنى الحمدِ. قال الزَّمخشري:«كأنَّه قيل: ولِتكَبِّروا اللَّهَ حَامِدِينَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ» قال أبو حيان - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «وهذا منه تفسيرُ معنىً، لا إعراب؛ إذ لو كان كذلك، لكان تعلُّقُ» عَلَى: «ب» حَامِدِينَ «التي قَدَّرها، لا ب» تُكَبِّرُوا «، وتقديرُ الإعراب في هذا هو:» وَلِتَحْمدُوا الله بالتكْبِيرِ على ما هَدَاكُم «؛ كما قدَّره الناسُ في قوله:[الراجز]