وعظَّم:«إنِّي أحْمَسُ» فقال الرَّجُلُ: «إن كنت أحمسياً، فإني أحمسي، رضيت بهديك، وسمتك، ودينك» ، فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة.
قال الزُّهريُّ: كان ناسٌ من الأنصار، فإذا أهلُّوا بالعمرةِ، لم يحل بينهم وبين السَّمَاء شيءٌ، وكان الرَّجُل يخرجُ مُهِلاًّ بالعمرة، فتبدوا له الحاجة بعد ام يخرج من بيته؛ فيرجع، ولا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف البيت أن يحول بينه وبين السَّماء، فيفتح الجدار من ورائه، ثُمَّ يقوم في حجرته فيأمر بحاجته؛ حتى بلغنا أنَّ رسول الله صلى الله علنه وسلم، وشرَّف، وكرَّم، ومجَّد، وبجَّل، وعظَّم، أهلَّ زمن الحديبية بالعمرة، فدخل حجرة، فدخل رجل على أثره من الأنصار من بني سلمة، فقال النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وشرَّف، وكرَّم، ومجَّد، وبجَّلأ، وعظَّم:«لِمَ فَعلْتَ ذَلِكَ؟» قال: «لأنِّي رَأَيْتُكَ دَخَلْتَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وشرَّف، وكرَّم، ومجَّد، وبجَّل، وعظَّم:» إني أحمسي «فقال الأنصاريُّ: وأنا أحمسي، وأنا على دينك، فأنزل الله تعالى الآية الكريمة.
فصل في اخلافهم في تفسير الآية
ذكروا في تفسير الآية ثلاثة أوجه:
أحدها: - وهو قول أكثر المفسرين - وهو حمل الآية الكريمة على ما قدَّمناه في سبب النُّزول، ويصعب نظم الآية الكريمة عليه؛ فإنَّ القوم سألوا عن الحكمة في تغيير لون القمر، فذكر الله تعالى الحكمة في ذلك، وهي قوله:{مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والحج} فأيُّ تعلُّق بي بيان الحكمة في اختلاف نور القمر، وبين هذه القصَّة، فذكروا وجوهاً:
أحدها: أنَّ الله - تبارك وتعالى - لمَّا ذكر أنَّ الحكمة في اختلاف أحوال الأهلَّة جَعْلُها مواقِيتَ للنَّاسِ والحَجِّ، وكان هذا الأمر من الأشياء التي اعتبرها في الحجِّ، لا جَرَمَ ذكرها الله تعالى.
وثانيها: أنه تعالى إنَّما وصل قوله: {وَلَيْسَ البر بِأَن تَأْتُواْ البيوت مِن ظُهُورِهَا} بقوله: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهلة} ؛ لأنَّه إنما اتَّفَقَ وقوع القصَّتين في وقت واحدٍ، فنزلت الآية الكريمة فيهما معاً في وقت واحدٍ، ووصل أحد الأمرين بالآخر.
وثالثها: كأنَّهم لمَّا سألوا عن الحكمة في اختلاف حال الأهلَّة، فقيل لهم: اتركوا السُّؤال عن هذا الأمر الذي لا يعنيكم، وارجعوا إلى البحث، عمَّا هو أهمُّ لكم، فإنَّكم تظنُّون أنَّ إتيان البيوت من ظُهُورها بِرٌّ؛ وليس الأمر كذلك.
الوجه الثاني من تفسير الآية: أنَّ قوله تعالى: {وَلَيْسَ البر بِأَن تَأْتُواْ البيوت مِن