وقوله {فَمَنِ اعتدى عَلَيْكُمْ} يجوزُ في «مَنْ» وجهان:
أحدهما: أن تكون شرطيةً، وهو الظاهرُ؛ فتكونَ الفاء جواباً.
والثاني: أن تكونَ موصولةً؛ فتكونَ الفاءُ زائدةً في الخبر، وقد تقدَّم نظيره.
قوله:{بِمِثْلِ مَا اعتدى} في الباء قولان:
أحدهما: أن تكون غير زائدةٍ، بل تكون معلِّقةً ب «اعْتَدُوا» والمعنى: بعقوبةٍ مثْل جنايةٍ اعتدائه.
والثاني: أنها زائدةٌ، أي: مثل ما اعَْدى به؛ فتكون: إمَّا نعتاً لمصدرٍ محذوف، أي: اعتداءً مماثلاً لاعتدائه، وإمَّا حالاً من المصدر المحذوف، كما هو مذهبُ سيبويه - رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى - أي: فاعتدوا الاعتداء مُشبِهاً اعتداءُه، و «مَا» يجوزُ أن تكوَ مصدريةً، فلا تفتقر إلى عائدٍ، وأن تكون موصولةً؛ فيكون العائدُ محذوفاً، أي: بمثل ما اعتدى عليكُم به، وجاز حذفه؛ لأنَّ المُضاف إلى الموصول قد جُرَّ بحرفٍ قد جرَّ به العائدُ، واتَّحد المتعلِّقان وقد تقدَّم معنى تسمية المجازاة بالاعتداء.
فصل في اختلافهم في تسيمة المكافأة عدواناً
قال القرطبيُّ: اختلف النَّاس في المكافأة، هل تُسمَّى عدواناً، أم لا؟ فمن قال: ليس في القرآن مجازٌ، قال: المقابلة عدوانٌ، وهو عدوانٌ مباحٌ، كما أنَّ المجاز في كلام العرب كذبٌ مباحٌ؛ لأن قوله:[الطويل]