وقال سفيان الثوري: إتمامها: أن تخرج من أهلك لهما؛ لا لتجارةٍ، ولا لحاجةٍ أخرى.
قال عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - الوفد كثيرٌ، والحاجُ قليلٌ.
فصل في اختلافهم في وجوب العمرة
اتَّفقت الأُمَّة على وجوب الحج، على من استطاع إليه سبيلاً، واختلفوا في وجوب العمرة؛ فذهب أكثر العلماء إلى وجوبها؛ وهو قول عمر، وعليّ، وابن عمر، ورواه عكرمة عن ابن عباسٍ، قال: والله إنَّ العمرة لقرينة الحجِّ في كتاب الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة للَّهِ} وبه قال عطاءٌ، وطاوس، ومجاهد، والحسن، وقتادة وسعيد بن جبير، وإليه ذهب الثوريُّ، وأحمد، والشافعيُّ، في أصحِّ قوليه.
وذهب قومٌ إلى أنها سُنَّةٌ، وهو قول جابرٍن وبه قال الشعبيُّ، وإليه ذهب مالكٌ، وأبو حنيفة، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم أجميعن.
حجةُ القولٍ الأوَّلِ أدلةٌ منها: قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الحج والعمرة للَّهِ} والإتمام قد يراد به فعل الشيء كاملً تاماً؛ بدليل قوله سبحانه وتعالى:{وَإِذِ ابتلى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ}[البقرة: ١٢٤] أي: فعلهنَّ على التمام، والكمال، وقوله:{ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل}[البقرة: ١٨٧] ، أي: فافعلوا لاصيام تاماً إلى الليل.
فإن قيل يحتمل أن يكون المراد أنكم إذا شرعتم فيهما، فأتموهما؛ لأنَّها تدلُّ على أصل الوجوب؛ لأنَّا إنما استفدنا الوجوب من قوله تعالى:{وَللَّهِ عَلَى الناس حِجُّ البيت}[آل عمران: ٩٧] ، لا من هذه الآية، وكذا قوله:{ثُمَّ أَتِمُّواْ الصيام إِلَى الليل}[البقرة: ١٨٧] إنَّما استفدنا وجوب الصوم من قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيام}[البقرة: ١٨٣] لا من قوله: ثُمَّ أتِمُّوا الصِّيَامَ إلى اللَّيْلِ «والحجُّ والعمرةُ يجب إتمامهما بالشروع فيهما، سواءٌ أكانا فرضاً، أو تطوُّعاً، وتقول: الصوم خرج بدليلٍ، أو تقول: وجب