الإحصار: إنما يكون عن البيت، أو عن عرفة. فأمَّا عن الواجبات التي تجبر بالدم كالرَّمي والمبيت بمزدلفة،، ونحوها، فلا إحصار فيها؛ لأن المحرم يتمكن من إتمام حجَّه بجبرها بالدَّم، وإذا إحصر عن طريق، وله طريق غيرها، يتمكَّن في الوصل إلى مكَّة، ويدرك الحجَّ من غير زيادةٍ في النفقة، أو ميرة لا تجحف بهن فليس بمحصر، إذا كانت تلك الطُّرق أمناً، [فإن لم تكن أمناً] ، أو كانت زيادة النَّفقة تجحف بماله. فهو محصر
فصل في قضاء المحصر
إذا أُحصر، فلا قضاء عليه بالإحصار؛ لأنه إن كان محرماً بحجّ الفرض، أو النَّذر، وكان ذلك في العام الذي وجب عليه الحجُّ فيه، لم يجب القضاء؛ لأن شروط وجوب الحجِّ لم تكمل؛ لوجود الإحصار، وإن كان ذلك في العام الثاني: وجب عليه الحجُّ للوجوب السَّابق، لا للإحصار؛ وإن كان الحجُّ تطوُّعا، فلا قضاء؛ لأنَّه لم يجب عليه ابتداءً.
قوله:{فَمَا استيسر} ، «مَا» موصولة، بمعنى: الذي، ويضعف جعلها نكرة موصوفة، وفيها ثلاثة أقوال:
أحدها: أنَّها في محل نصب، أي: فليُهدِ، أو فلينحر، وهذا مذهب ثعلب.
والثاني: ويعزى للأخفش: أنه مبتدأ والخبر محذوف تقديره: فعليه ما استيسر.
والثالث: أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره: فالواجب ما استيسر، واستيسر هنا بمعنى يسر المجرّد كصعب، واستصعب، وغني واستغنى، ويجوز أن يكون بمعنى: تفعَّل نحو: تَكَبَّر واسْتَكْبَرَ، وتعظَّم واسْتَعْظَمَ، وقد تقدَّم ذلك.
قوله:«مِنَ الهَدْي» فيه وجهان:
أحدهما: أن تكون «مِنْ» تبعيضية، ويكون محلها النَّصب على الحال من الضَّمير المستتر في «اسْتَيْسَر» العائد على «مَا» ، أي: حال كونه بعض الهدي.
والثاني: أن تكون «مِنْ» لبيان الجنس، فتتعلق بمحذوف أيضا.
وَفي الهَدْي قولان:
أحدهما: أنه. جَمْعَ هَدْيَةَ كَجَدْي جمع جَدْيَةِ السَّرْج.