الحجَّة إلى منى، بحيث يوافون الظُّهر بها، ويصلُّون بها الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء والصُّبح من يوم عرفة، فإذا طلعت الشَّمس على ثبيرٍ يتوجَّهون إلى عرفات، فإذا دنوا منها فالسُّنَّة ألَاّ يدخلوها، بل يضرب فيه الإمام بنمرة، وهي قريبة من عرفة، فينزلون هناك حتَّى نزول الشَّمس، فيخطب الإمام خطبتين، يبيِّن لهم مناسك الحجِّ، ويُحرِّضهم على كثرة الدُّعاء والتَّهليل بالموقف، فإذا فرغ من الخطبة الاولى، جلس ثم قال، وافتتح الخطبة الثَّانية والمؤذِّنون يأخذون في الأذان معه، ويخفِّف بحيث يكون فراغه من الخطبة، مع فراغ المؤذِّنين من الأذان، ثم ينزل فيقيم المؤذِّنون فيصلِّي بهم الظُّهر، ثم يقيمون في الحال ويصلِّي بهم العصر، وهذا الجمع متفقٌ عليه، فإذا فرغوا في الصَّلاة توجَّهوا إلى عرفاتٍ، فيقفون عند الصَّخرات موقف النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويستقبلون القبلة ويذكرون الله - تعالى - ويدعونه إلى غروب الشَّمس.
وهنا الوقوف ركنٌ لا يدرك الحجُّ إلاّ به، فمن فاته في وقته وموضعه، فقد فاته الحجُّ، ووقت الوقوف يدخل بزوال الشَّمس من يوم عرفة، ويمتدُّ إلى طلوع الفجر من ليوم النَّحر، وذلك نصف يوم وليلة كاملة، فإذا حضر الحاجُّ هناك في هذا الموقف لحظة واحدة من ليل أو نهار، كفاه.
قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى -: أجمع أهل العلم على أنَّ من وقف بعرفة يوم عرفة قبل الزَّوال، ثم أفاض منها قبل الزَّوال أنّه لا يعتدّ بوقوفه ذلك، وأجمعوا على تمام حجِّ من وقف بعرفة بعد الزَّوال، وأفاض نهاراً قبل اللِّيل إلَاّ مالك؛ فإنَّه قال: لا بدَّ أن