بعرفة، لقوله تعالى:{فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فاذكروا الله عِندَ المشعر الحرام} ، فإذا قلنا: بأن الوقوف بعرفة ركن وليس ذكره صريحاً في الكتاب، وإنَّما وجب بإشارة الآية الكريمة أو بالسُّنَّة - فالمشعر الحرام فيه أمر جزمٌ.
وقال جمهور الفقهاء: ليس برِكن؛ لقوله - عليه السلام -: «الحَجُّ عَرَفَةُ، فمن وقف بعرفة، فقد تم حجُّه» وقوله «مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَة فَقَدْ أَدْرَك الحَجَّ، ومن فاتَهُ عَرَفَةُ فَقَدْ فَاتَهُ الحَجُّ» ، وأيضاً فقوله تعالى:{فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فاذكروا الله عِندَ المشعر الحرام} أمر بالذِّكر لا بالوقوف فالوقوف بالمشعر الحرام يقع للذِّكر، وليس بأصلٍ، وأمّا الوقوفَ بعرفة فهو أصلٌ؛ لأنه قال:{فإِذَآ أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ} ولم يقل عند الذكر بعرفاتٍ.
فصل
اختلفوا في الذِّكر المأمور به عند المشعر الحرام.
فقال بعضهم: هو الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء، والصَّلاة تسمَّى ذكراً؛ قال تعالى:{وَأَقِمِ الصلاة لذكريا}[طه: ١٤] ، وأيضاً فإنه أمر بالذِّكر هناك، والأمر للوجوب، ولا ذكر هناك يجب إلَاّ هذا.
وقال الجمهور: هو ذكر الله بالتَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل.
قال ابن عبَّاس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما -: كان النّاس إذا أدركوا هذه اللَّيلة لا ينامون.
قوله:«كَمَا هَدَاكُمْ» فيه خمسة أقوال:
أحدها: أن تكون «الكَافُ» في محلّ نصبٍ نعتاً لمصدر محذوفٍ.
والثاني: أن تكون في محلِّ نصبٍ على الحال من ضمير المقدَّر، وهو مذهب سيبويه.
والثالثك أن يكون في محلِّ نصب على الحال من فاعل «اذْكُرثوا» تقديره: مشبهين لكم حين هداكم، قال أبو البقاء:«ولا بُدَّ من حذفِ مضافٍ؛ لأنَّ الجُثَّة لا تشبه الحدث» .