بعدها للفرق بينهما وبين النافية، وجاز دخول «إنْ» على الفعل؛ لأنه ناسخٌ، وهل هذه اللام لام الابتداء التي كانت تصحب «إنَّ» ، أو لامٌ أخرى غيرها؛ اجتلبت للفرق؟ قولان هذا رأيُ البصريِّين.
وأمَّا الكوفيون فعندهم فيها خلاف: فزعم الفرّاء أنها بمعنى «إنْ» النافية، واللام بمعنى «لَاّ» ، أي: ما كنتم من قبله إلَاّ من الضالِّين، ومذهب الكسائيِّ التفصيل: بين أن تدخل على جملةٍ فعليَّة، فتكون «إنْ» بمعنى «قَدْ» ، واللَاّم زائدةً للتوكيد؛ كقوله:{وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الكاذبين}[الشعراء: ١٨٦] ، وبين أن تدخل على جملةٍ، كقوله:{إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}[الطارق: ٤] ؛ فتكون كقول الفرَّاء.
و «مِنْ قَبْلِهِ» متعلِّقٌ بمحذوفٍ يدلُّ عليه «لَمِنَ الضَّالِّينَ» ، تقديره: كنتم من قبله ضالِّين لمن الضَّالِّين، ولا يتعلَّق بالضالِّينَ بعده؛ لأنَّ ما بعد «أَلِ» الموصولةِ، لا يعمل فيما قبلها، إلا على رأي من يتوسَّع في الظرف، والهاء في «قَبْلِهِ» عائدةٌ على «الهُدَى» المفهوم من قوله «كَمَا هَدَاكُمْ» .
وقيل: تعود إلى القرآن، والتقدير: واذكروه كما هداكم، بكتابه الذي بيَّن لكم معالم دينه، وإن كنتم من قبل إنزاله عليكم من الضَّالِّين.