ورابعها: روى الكلبي عن ابن عباس: «لِمَن اتَّقَى الصَّيْد ما يلزَمُهُ اجتِنَابُه من محْظُورَاتِ الإِحْرَامِ» .
قال ابن الخطيب: وهذا ضعيفٌ من وجهين:
أحدهما: أنَّه تقييد للَّفظ المطلق بغير دليل.
والثاني: أنّ هذا لا يصحُّ إلاّ إذا حمل على ما قبل هذه الأيَّام؛ لأنه في يوم النَّحر إذا رمى وطاف وحلق، فقد تحلَّل قبل الجمار، فلا يلزمه اتِّقاء الصَّيد في هذه الأيَّام.
قوله:«واتَّقُوا الله» فهو أمر في المستقبل، وهو مخالف لقوله:«لِمَنْ اتَّقَى» الذي أ {يد به الماضين فلا يكون تكراراً، وقد تقدم أن التَّقوى عبارة عن فعل الواجبات وترك المحظورات.
وقوله: {واعلموآ أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} .
فهو توكيد للأمر بالتَّقوى؛ لأن مَنْ تصور الحشر والمحاسبة والمساءلة، وأنّ بعد الموت لا دار إلاّ الجنَّة أو النَّار، صار ذلك من أقوى الدَّواعي إلى التَّقوى، وأمَّا الحشر: فهو اسمٌ يقع على ابتداء أوَّل خروجهم من الأجْداث، يوم لا مالك سواه ولا ملجأ إلاّ إيَّاه.
قوله:{وَمِنَ الناس مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ} .
لمّا ذكر الذين قصرت همَّتهم على الدُّنيا في قوله:«ومِنَ النَّاسِ من يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَة» ، والمؤمنين الذين سألوا خير الدَّارين، ذكر المنافقين؛ لأنَّهم أظهروا الإيمان وأسرُّوا الكفر.
قوله تعالى:«مَنْ يُعْجِبُكَ» : يجوز في «مَنْ» أن تكون موصولة، وأن تكون نكرةً موصوفةً، وقد تقدَّم نظيرها، والإعجاب: استحسان الشيء، والميل إليه، والتعظيم له، والهمزة فيه للتعدِّي.
وقال الراغب:«العَجَبُ حَيْرَةٌ تَعْرَضُ للإنسان عند الجهل بسبب الشَّيء، وليس هو شيئاً له في ذاته حالةً، بل هو بحسب الإضافات إلى من يعرف السَّبب ومن لا يعرفه، وحقيقة: أعجبني كذا: ظهر لي ظهوراً لم أعرف سببه» ، ويقال: عجبت من كذا، قال القائل:[الرجز]