وفي اشتقاقه أقوالٌ: قال الزجَّاج: من لُديدَي العنق، وهما صفحتاه.
وقيل: من لديدي الوادي، وهما جانباه، سمِّيا بذلك؛ لاعوجاجهما.
وقيل: هو من لدَّه إذا حبسه، فكأنه يحبس خصمه عن مفاوضته.
و «الخِصَامِ» فيه قولان:
أحدهما: قال الزجَّاج: وهو جمع خصمٍ بالفتح؛ نحو: كعبٍ وكعابٍ، وكلبٍ وكلابٍ، وبحرٍ وبحارٍ، وعلى هذا فلا تحتاج غلى تأويل.
والثاني: قال الخليل وأبو عبيد إنه مصدر، يقال: خاصمَ خصاماً، نحو قاتلَ قتالاً، وعلى هذا فلا بد من مصحِّح لوقوعه خبراً عن الجثَّة، فقيل: في الكلام حذف من الأول، أي وخصامه أشدُّ الخصام، وجعل أبو البقاء «هو» ضمير المصدر الذي هو «قوله» فإنه قال: ويجوز أن يكون «هُوَ» ضمير المصدر الذي هو «قَوْلُهُ» وهو خصام، والتقدير: خصامه ألدُّ الخصام.
وقيل: من الثاني: أي: وهو أشدُّ ذوي الخصام، وقيل: أريد بالمصدر اسم الفاعل؛ كما يوصف به في قولهم: رجل عدلٌ وخصمٌ، وقيل:«أَفْعَلُ» هنا ليست للتفضيل، بل هي بمعني لديد الخصام، فهو من باب ضافة الصفة المشبهة، وقال الزمخشريُّ: والخِصَامُ المُخَاصَمَةُ، وإضافةُ الألدِّ بمعنى «في» ؛ كقولهم:«ثَبْتُ الغَدْرِ» يعني أن «أَفْعَلَ» ليس من باب ما أضيف إلى ما هو بعضه، بل هي ضافة على معنى «في» ؛ قال أبو حيان: وهذا مخالفٌ لما يَزْعُمُهُ النحاة من أنَّ «أَفْعَلَ» لا تضاف إلا إلى ما هي بعضه، وفيه إثبات الإضافة بمعنى «في» ، وهو قولٌ مرجوحٌ، وقيل:«هُوَ» ليس ضمير «مَنْ» بل ضمير الخصومة يفسِّره سياق الكلام، أي: وخصامه أشدُّ الخصام.
فصل في بيان عموم هذه الآية
قال بعض المفسِّ {ين: هذه الآية الكريمة مختصَّة بأقوام معيَّنين، وقال بعضهم: إنّها عامة في كلِّ من اتَّصف بهذه الصِّفة، والأولون اختلفوا على وجوهٍ:
أحدها: أنها نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي حليف بني زهرة، واسمه: أُبي، وسمِّي الأخنس؛ لأنه خنس يوم بدر بثلاثمائة من بني زهرة عن قتال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ،