وقال الضَّحَّاكُ: وإذا تَوَلَّى، أي: مَلَكَ الأَمْرَ، وصارَ والياً سَعَى في الأَرض.
وقال مُجاهدٌ: إيضا وُلِّي، وعمل بالعُدوان، والظُّلم، أَمْسَكَ اللَّهُ المطر، وأهلك الحرث والنَّسل.
قوله:«فِي الأَرْضِ» مُتَعَلِّقٌ ب «سَعَى» ، فإنْ قيل: مَعْلُومٌ أنَّ السَّعْيَ لا يكُونُ إلَاّ فِي الأَرْضِ قيل: لأنَّهُ يُفيدُ العُمُومَ، كأنه قيل: أيَّ مكانٍ حَلَّ فيه من الأرض أفسدَ فيه، فَيَدُلَّ لفظُ الأَرْضِ على كَثرةٍ فسادِهِ، إذ يلزَمُ مِنْ عمومِ الظَّرفِ عمومُ المَظْرُوفِ، و «ليُفْسِدَ» مُتَعَلّقٌ ب «سَعَى» علَّةً له.
قوله:«وَيُهْلِكَ الحَرْثَ» الجُمْهُورُ على: «يُهْلِكَ» بضمِّ اليَاءِ، وكسر اللام ونصب الكافِ. «الحَرْثَ» مفعول به، وهي قراءةٌ واضِحَةٌ من: أَهْلَكَ يُهْلك، والنَّصبُ عطَفٌ على الفعل قبلُهُ، وهذا شبيهٌ بقوله تعالى:{وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ}[البقرة: ٩٨] فإنَّ قوله: «ليفْسِدَ» يَشْتَمِلُ على أَنَّهُ يُهْلَكُ الحَرْثَ والنَّسْلَ، فخصَّهُما بالذّكر لذلك. وقرأ أُبيّ:«وليُهْلِكَ» بإظهارِ لام العِلَّةِ، وهي معنى قراءة الجَمهور، وقرأ أبو حَيوة - ورُويت عن ابن كثيرٍ وابن عمرو - «وَيَهْلِك الحَرْثُ والنَّسْلُ» بفتح الياءِ، وكسر اللام من هلك الثَّلاثي، و «الحَرْث» فاعلٌ، و «النَّسلُ» عطفٌ عليه. وقرأ قومٌ:«ويُهْلِكُ الحَرْثَ» من أَهْلَكَ، و «الحَرْث» مفعولٌ به إلا أَنَّهُم رفعُوا الكاف. وخُرِّجت على أربعةِ أوجهٍ: أن تكُونَ عَطْفاً على «يُعْجِبُك» أو على «سَعَى» ؛ لأَنَّهُ في معنى المُستقبل، أو على خبر مُبْتَدأ للمفعول، «الْحَرْثُ» رفعاً، وَقَرَأَ أيضاً:«ويَهَلكُ» بفتح الياءِ واللام ورفعِِ الكَافِ، «الحَرْثُ» رفعا على الفاعلية، وفتحُ عين المُضارع هنا شاذٌّ لفَتْحٍ عين ماضِيهِ، وَليس عينُهُ ولا لامُهُ حرفَ حَلْق، فهو مثلُ رَكَنَ يَرْكَنُ بالفتح فيهما.
و «الحرث» في اللُّغة: الشَّقُّ، ومنه المِحراثُ لام يُشقّ به الأرض، والحرث: كسب المالِ وجمعه، والحَرْثُ: الزَّرعُ، والحرَّاث الزرَّاع، وقد حرث، واحترثَ مثل: زَرَعَ وازْدَرَعَ.