للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ} [الأحزاب: ١٠] وقيل: نزلت في» غَزْوَةِ أُحُد «لما قال عبد الله بن أُبيٍّ لأصحاب النبي عليه السلام إلى متى تقتلون أنفسكم، وترجون الباطل، ولو كان محمد نبياً، لمَّا سلَّط الله عليكم الأسر والقتل، فأنزل الله تعالى هذه الآية» أَمْ حَسِبْتُمْ «، أي: المؤمنون أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بمجرد الإيمان بي، وتصديق رسولي، دون أن تعدبوا الله بكل ما تعبَّدكم به، وابتلاكم بالصبر عليه، وأن ينالكم من أذى الكفار، ومن احتمال الفقر ومكابدة الضر والبؤس، ومقاساة الأهوال في مجاهدة العدوِّ؛ كما كان ذلك غريبةٍ، أو قصَّة عجيبةٍ لها شأنٌ؛ ومنه قوله تعالى:

{وَلِلَّهِ المثل الأعلى} [النحل: ٦٠] أي: الصفة التي لها شأن عظيم.

قوله: «مَسَّتْهم البأْسَاءُ» في هذه الجملة وجهان:

أحدهما: أن تكون لا محلّ لها من الإعراب؛ لأنها تفسيريةٌ، أي: فسَّرَتِ المثل وشرحته، كأنه قيل: ما كان مثلهم؟ فقيل: مسَّتهم البأساء.

والثاني: ان تكون حالاً على إضمار «قَدْ» جوَّز ذلك أبو البقاء، وهي حالٌ من فاعلٍ «خَلَوا» . وفي جعلها حالاً بَعْدٌ.

و «البَأْسَاءُ» : اسمٌ من البؤْسِ بمعنى الشِّدِّة، وهو البلاء والفقر.

و «الضَّرَّاءُ» : الأمراض، والآلام، وضروب الخوف.

قال أبو العبَّاس المقريُّ: ورد لفظ «الضُّرِّ» في القرآن على أربعة أوجهٍ:

الأول: الضُّرُّ: الفقر؛ كهذه الآية، ومثله: {وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ} [يونس: ١٢] ، وقوله تعالى: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضر} [النحل: ٥٣] أي: الفقر.

الثاني: الضّرّ: القحط؛ قال تعالى: {إِلَاّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بالبأسآء والضرآء} [الأعراف: ٩٤] أي: قحطوا.

أو قوله تعالى: {وَإِذَآ أَذَقْنَا الناس رَحْمَةً مِّن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُمْ} [يونس: ٢١] أي: قحط.

الثالث: الضُّرُّ: المرض؛ قال تعالى: {وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ} [يونس: ٢٠٧] أي: بمرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>