بسم الله الرحمن الرحيم» ليست من القرآن، فقال: سبحان الله ما أَجْرَأَ هذا الرجل! سمعت سعيد بن جُبَيْرٍ يقول: سمعت ابن عباس - رَضِيَ اللهُ عَنْهما - يقول: كان النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - إذا أنزل عليه «بسم الله الرحمن الرحيم» على أن تلك السُّورة ختِمَتْ وفُتِحَ غيرها.
وعن عبد الله بن المُبارك أنه قال: من ترك «بسم الله الرحمن الرحيم» فقد ترك مائة وثلاث عشرة آيةً.
فَصْلٌ
قال ابن الخطيب - رَحِمَهُ اللهُ -: نقل في بعض الكتب القديمة أن ابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْه - كان ينكر كَوْنَ سورة الفاتحة من القرآن الكريم، وكان ينكر كون المُعَوّذتين من القرآن.
واعلم أن هذا في غاية الصعوبة؛ لأنا إن قلنا: إن النقل المتواتر كان حاصلاً في عصر الصحابة بِكَوْنِ سورة الفاتحة من القرآن، فحينئذٍ كان ابن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْه - عالماً فإنكاره يوجب الكُفْر أو نقصان العقل.
وإن قلنا: النقل المتواتر ما كان حاصلاً في ذلك الزمان فهذا يقتضي أن يقال: إن نقل القرآن ليس بمتواترٍ في الأصل، وذلك يخرج القرآن عن كونه حُجَّةً يقينية.
والأغلب على الظن أن يقال: هذا المذهب عن ابن مسعود نَقْلٌ كاذِبٌ باطل، وبه يحصل الخلاص عن هذه العُقْدَةِ، والله الهادي إلى الصواب، إليه يرجع الأمر كله في الأول والمآب.