خامر العقل. وروى أبو داود عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» وفي «الصَّحِيحَيْنِ» أنه عليه السَّلام سُئِلَ عن البِتع، فقال:«كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ، فَهُوَ حَرَامٌ» والبِتع شراب يتخذ من العسل.
قال الخطابيُّ: والدَّلالة من وجهين:
أحدهما: أنَّ الآية لما دلَّت على تحريم الخمر، وكان مسمَّى الخمر مجهولاً من القوم، حسن من الشَّارع أن يقال: مراد الله تعالى من هذه اللَّفظة هذا، ويكون على سبيل إحداث لغةٍ، كما في الصَّلاة والصَّومِ وغيرهما.
والوجه الآخر: أن يكون معناه: أنَّه كالخمر في الحرمة؛ لأن قوله هذا خمر، فإن كان حقيقةً؛ فحصل المدّعي، وإن كان مجازاً؛ فيكون حكمه كحكمه؛ لأنَّا بيَّنا أنَّ الشَّارع ليس مقصوده تعليم اللُّغات على تعليم الأحكام، وحديث البتع يبطل كلَّ تأويلٍ ذكره أصحاب تحليل الأنبذة، وإفساد قول من قال: إنَّ القليل من المسكر من الأنبذة مباحٌ؛ لأنَّه - عليه السَّلام - سُئِلَ عن نوع واحدٍ من الأنبذة، وأجاب بتحريم الجنس، فدخل فيه القليل والكثير، ولو كان ثمَّ تفصيلٌ في شيءٍ من أنواعه ومقاديره لذكره ولم يهمله، وقال - عليه الصَّلاة والسَّلام -: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» ، وقال: «مَا