للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلنا: قوله: {مِّنَ الذين أُوتُواْ الكتاب مِن قَبْلِكُمْ} [آل عمران: ١٨٦ والمائدة: ٥ والمائدة: ٥٧] يفيد حصلو هذا الوصف في حال الإباحة، ويدلُّ على ذلك فعلُ الصحابة، فإنهم كانوا يتزَّجون الكتابيَّات، ولم يظهر من أحد منهم إنكار ذلك وكان إِجماعاً على الجواز، كما نقل أنَّ حذيفة تزوَّج يهوديَّةٌ، أو نصرانية، فكتب إليه: أَتَزْعُمُ أَنَّهَا حَرَامٌ؟ فقال: لا، ولكني أخاف أن تعاطوا المومسات منهنَّ.

وتزوج عثمان نائلة بنت فرافصة، وكانت نصرانيَّة؛ فأسلمت تحته، وتزوَّج طلحة بن عبيد الله يهوديَّة.

وعن جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: «نَتَزَوَّجُ نِسَاءَ أَهْلِ الكِتَابِ، وَلَا يَتَزَوَّجُونَ نِسَاءَنَا» .

وروى عبد الرَّحمن بن عوفٍ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال في المجوس: «سِنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائهم، وَلَا آكلي ذَبَائِحِهِمْ» ولو لم يكن نكاح نسائهم جائزاً، لكان هذا الاستثناء عبثاً.

وقال قتادة وسعيد بن جبير: أراد ب «المُشْرِكَاتِ» في الآية الوَثَنِيَّاتِ.

واحتجَّ القائلون بعدم الجواز بوجوه:

أحدها: أنَّ لفظ «المُشْرِك» يتناول الكتابيَّة على ما بيَّنَّاه، والتَّخصيص والنَّسخ خلافُ الظَّاهر.

قالوا: ويؤيِّد ذلك قوله في آخر الآية: {أولئك يَدْعُونَ إِلَى النار} والوصف المناسب إذا ذكر عقيب الحكم أشعر بالعِلِّيَّة، وكأنه تعالى قال: حَرَّمْتُ عليكم نِكَاح المُشْرِكَاتِ؛ لأنَّهم يدعُونَ إِلَى النَّارِ وهذه العِلَّةُ قَائِمَةٌ في الكِتَابِيَّةِ، فوجب القطع بتحريمها.

وثانيها: أنَّ ابن عمر لما سئل عن هذه المسألة تلا آية التَّحريم وآية التَّحليل، ووجه

<<  <  ج: ص:  >  >>