للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الاحترازُ عن الضَّرَرِ، فلهذا السَّبب رجَّح اللهُ جانب المنعِ.

التَّأويل الثَّاني: أنَّهُم يدعون إلى ترك المحاربة والقتال، وفي تركهما وجوب استحقاق النَّار والعقاب، والغَرَضُ منه أَنْ يجعل هذا فرقاً بين الذِّمِّيَّة، وغيرها، فإنَّ الذِّمِّيَّة لا تحمل زوجها على المقاتلة.

التَّأويل الثالث: أَنَّ الولد الَّذِي يحدث، ربَّما دعاهُ الكافِرُ إلى الكُفْرِ، فيصير الكافر والولد من أهلِ النَّارِ، فهذا هو الدَّعوة إلى النَّارِ، {والله يدعوا إِلَى الجنة} حيثُ أمر بالتَّزْويج بالمسلمة، حتى يكون الولد مسلماً من أهل الجَنَّة.

قوله: {والله يدعوا إِلَى الجنة والمغفرة بِإِذْنِهِ} فيه قولان:

الأول: أَنَّ المعنى: وأولياء اللهِ يدعون إلى الجَنَّة، والمغفرة، فلا جرم أنه ينبغي للعاقل ألَاّ يقرب من مشركة، فإِنَّها من أعداء اللهِ، وأن ينكح المُؤْمنة؛ لأَنَّها تدعُو إلى الجَنَّةِ والمغفرة.

الثاني: أنَّهُ سبحانه وتعالى لمَّا بيَّنَ هذه الأَحكام، وأباح بعضها، وحرَّم بعضها قال {والله يدعوا إِلَى الجنة والمغفرة} ؛ لأنَّ من تمسَّكَ بهما اسْتَحَقّ الجنَّةَ.

و {والمغفرة} الجمهورث على جَرِّ {والمغفرة} عطفاً على «الجَنَّةِ» و «بِإِذْنِهِ» مُتعلِّقٌ ب «يَدْعُو» أي: بتسهيلهِ، وتيسيره، وتوفيقه، وقيل بقضائه وإرادته.

وفي غير هذه الآيةِ تقدَّمَت «المَغْفِرَة» على الجنة: {سابقوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} [الحديد: ٢١] و {وسارعوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} [آل عمران: ١٣٣] ، وهذا هو الأصل؛ لأنَّ المغفرة سببٌ في دُخُولِ الجَنَّةِ، وإنما أُخِّرَت هنا للمقابلة، فإنَّ قبلَها «يَدْعُو إِلى النَّارِ» ، فقدَّم الجَنَّةَ ليقابِلَ بها النَّارَ لفظاً، ولتشوُّقِ النُّفوس إليها حين ذكر دعاءَ اللهِ إليها، فأتى بالأَشْرَفِ.

وقرأ الحسن {والمغفرة بِإِذْنِهِ} على الابتداءِ والخبرِ، أي: حاصِلةٌ بإذنِهِ.

ويبين آياته للناس لعلَّهم يتذكَّرُون، أي: أوامره، ونواهيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>