السادس: التَّطهير من الشّرك، قال تعالى: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ} [الحج: ٢٦] ، أي: طهره من الشرك.
السابع: الطهور الطيب، قال تعالى: {ذلكم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} [الأحزاب: ٥٣] أي أطيب.
الثامن: الطهور الحلّ، قال تعالى: {هؤلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ} [هود: ٧٨] ، أي: أحل.
التاسع: التطهر من الرّجس، قال تعالى: {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} [الأحزاب: ٣٣] ، أي: من الآثام والرِّجس.
فصل في بيان النَّهي عن الإتيان هل بعد انقطاع الدم أو الاغتسال.
استدلّ أبو حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - بقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حتى يَطْهُرْنَ} بأنه نهيٌ عن قربانهن إلى غاية، وهي أن يطهرن، أي ينقطع حيضهنّ، وإذا كان انقطاع الحيض غايةً للنَّهي؛ وجب أن يزول النَّهي عند انقطاع الحيض.
وأجيب بأنَّه لو اقتصر على قوله «حتى يَطْهُرْنَ» ، لكان ما ذكرتم لازماً أما إذا انضم إليه قوله: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} صار المجموع هو الغاية، وذلك بمنزلة أن يقول الرَّجل: لا تكلِّم زيداً حتى يدخل الدَّار، فإذا طابت نفسه بعد الدُّخول، فكلّمه، فإنّه يجب أن يتعلّق إباحة كلامه بالأمرين جميعاً.
فإن قيل: يحمل قوله: «فَإِذَا تَطَهَّرْنَ» على غسل الموضع، فإنَّه يجب غسله بإجماع، فالجواب أنَّ ظاهر قوله: «فَإِذَا تَطَهَّرْنَ» حكم عائد إلى ذات المرأة، فوجب أن يكون هذا التَّطهير في كلّ بدنها لا في بعض بدنها، وأيضاً فنحمله على التَّطهير الثَّابت في المستحاضة لثبوته في الحيض، والمراد به الاغتسال، إذا أمكن وجود الماء.
فصل في هل تجبر الكتابيَّة على الاغتسال من الحيض
اختلفوا في الكتابيَّة؛ هل تجبر على الغسل؟
فقيل تجبر لقوله تعالى: «فَإِذَا تَطَهَّرْنَ» يعني بالماء، ولم يخص مسلمة من غيرها.
وقيل: لا تجبر؛ لأنها لا تعتقد ذلك، وقال تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ الله في أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بالله واليوم الآخر} [البقرة: ٢٢٨] وهو الحيض والحمل، وهذا خطاب للمؤمنات. وقال: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدين} [البقرة: ٢٥٦] .
قوله: «فَإِذَا تَطَهَّرْنَ» يعني اغتسلن، «فَأْتُوهُنَّ» أي: فجامعوهنّ.
قوله: {مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ الله} في «مِنْ» قولان:
أحدهما: أنَّها لابتداء الغاية، أي: من الجهة الَّتي تنتهي إلى موضع الحيض.