للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فصل في سبب النزول

نزلت هذه الآيةُ في عبد الله بن رواحة؛ كان بينه وبَيْنَ خَتَنِهِ على أَخِيه بشير بن النُّعْمان شيء، فحلف عبد الله ألاّ يَدْخُلَ عليه، ولا يُكَلِّمَهُ، ولا يُصْلِح بَيْنَه وبين خصمهِ، وإذا قيل لهُ فيه، قال: قد حَلَفْتُ بالله ألَاّ أفْعَل، فلا يَحِلُّ لي إلَاّ أنْ تَبَرَّ يميني فأنْزَل الله هذه الآية.

وقال ابن جريج: نزلت في أبي بكر الصِّدِّيق، حين حلف ألَاّ ينفق على مسطح حين خاض في حديث الإفْك، ومعنى الآية: لا تجعلوا الحلف باللهِ شيئاً مانعاً لكم من البرِّ والتَّقوَى، يُدعى أَحدكم إلى صلة الرَّحمن أو بِرِّ، فيقول: حلفتُ بالله ألاّ أفعله، فيعتل بيمينه في ترك البِرّ.

قوله: {والله سَمِيعٌ عَلِيمٌ} خَتَم بهاتَيْن الصفتَيْن؛ لتقدُّم مناسبتهما؛ فإنَّ الحَلْفَ متعلِّقٌ بالسَّمْع، وإرادة البِرِّ من فِعْلِ القلْبِ متعلقةٌ بالعِلْم، وقَدَّم السميع؛ لتقدُّم متعلِّقِه، وهو الحَلْفُ.

قوله تعالى: {لَاّ يُؤَاخِذُكُمُ الله باللغو في أَيْمَانِكُمْ} .

واللَّغْوُ: مصدرُ لَغَا يَلْغُو، يقال: لَغَا يَلْغُو لَغْواً، مثل غَزَا يَغْزُو غَزْواً، ولغِيَ يَلْغَى لَغًى مثل لَقِيَ يَلْقَى لقًى إذا أتى بما لا يُحْتاجُ إليه من الكلام، أو بما لا خير فيه، أو بِما يلغى إثمه؛ كقوله - عليه الصّلاة والسّلام -

«إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمعَةِ: أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ» .

ومن الثاني قوله تعالى: {والغوا فِيهِ} [فصلت: ٢٦] .

قال الفرَّاء: اللَّغا مصدر للغَيت.

قال أبو العبَّاس المقري: ورد لفظ «اللَّغو» في القرآن على ثلاثة أوجه:

الأول: بمعنى اليمين بغير عقديَّةٍ كهذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>