وأما قوله:{وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ}[الفرقان: ٧٢] فيحتمل أن يكون المُرادُ وإذا مَرُّوا بالكلام الَّذي يكون لغواً، وأن يكون المُرادُ: وإذا مَرُّوا بالفعل الَّذِي يكون لغواً، وأَمَّا ورود هذه اللَّفظة في غير الكلام، فكما ورد فيما لا يعتدُّ به من الدِّية في أولاد الإِبل.
وقيل: هو ما لا يُفهم، من قولهم:«لَغَا الطَّائِرُ» ، أي: صوَّتَ، واللَّغو، ما لَهجَ به الإنسانُ، واللغةُ مأخوذةٌ من هذا.
وقال الراغب: ولَغِيَ بكذا: أي لَهِجَ به لَهَجَ العُصْفُورِ بِلَغَاهُ، ومنه قيل للكلام الذي تَلْهَجُ به فرقةٌ «لُغَة» ؛ لجعلها مشتقةً من لَغِيَ بكذا، أي: أُولِعَ به، قوال ابن عيسى - وقد ذكر أن اللَّغوَ ما لا يفيدُ -: «ومنه اللغةُ؛ لأنَّها عند غيرِ أهلِها لَغْوٌ» ، وقد غَلَّطوه في ذلك.
الثالث: أن يتعلَّق بمحذوفٍ على أنه حال من اللَّغْوِ، وتعرفه من حيث المعنى؛ أنك لو جعلتَه صلةً لموصولٍ، ووصفْتَ به اللغو، لصحَّ المعنى، أي: اللغو الذي في أَيْمَانِكُمْ. وسُمِّي الحَلفُ يَميناً؛ لأن العرب كانوا إذا تَحَالَفُوا وضع أحدهم يمينه في يمين الآخر.
وقيل: لأَنَّه يحفظ الشَّيء كما تحفظ اليد اليمنى الشَّيء.
فصل في تفسير اللغو
ذكر المفسِّرون في «اللَّغو» وجوهاً:
أحدها: قال الشَّافعيُّ وغيره: هو قول الرَّجل في عرض حديثه: «لَا واللهِ» و «بَلَى واللهِ» من غير قصدٍ إليهما، وهو قول عائشة، وإليه ذهب الشَّعبي وعكرمة، لِمَا رَوَت عائشة؛ قالت: سَبَبُ نُزُولِ هَذِه الآية: قول الرَّجُل فِي عُرْضِ حديثه: (لَا واللهِ) و (بَلَى