أحدهما: أنَّه من باب إضافة المصدر لمفعوله؛ على الاتساع في الظرف؛ حتَّى صارَ مفعولاً به، فأُضيفَ إليه، والحالةُ هذه كقوله:«بَيْنَهُمَا مَسِيرة يَوْمٍ» أي: مَسِيرة في يَوْم.
والثاني: أنه أُضِيف الحَدَثُ إلى الظرف من غير اتِّساع، فتكونُ الإِضافةُ بمعنى «فِي» وهو مذهبٌ كوفيٌّ، والفاعلُ محذوفٌ، تقديره: تربُّصُهُمْ أربعةُ أشهرٍ.
فصل
قال قتادة: كان الإيلاء طلاقاً لأهل الجاهلية وقال سعيد بن المُسيَّب: كان ذلك من ضرار أهل الجاهليَّة، وكان الرَّجُلُ لا يُحِبُّ امرأته، ولا يريد أن يتزوَّجها غيره، فيحلف ألَاّ يقربها أبداً، فيتركها لا أَيماً ولا ذات بعلٍ، وكانوا في ابتداء الإِسلام يفعلون ذلك أيضاً؛ فأزال الله تعالى ذلك، وضرب للزَّوْج مُدَّة يَتَرَوَّى فيها ويتأمَّل، فإِنْ رأى المصلحة في تركِ هذه المضارَّة، فعلها، وإن رأى المصلحة في المفارقة، فارقها.
وقال القُرطبيّ: وقد آلَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وطَلَّق، وسببُ إيلائه: سُؤال نسائه إِيَّاه من النَّفقةِ ما ليس عندهُ؛ كذا في «صَحِيح مُسْلِم» ، وقيل: لأن زينب ردَّت عليه