الحيض، فحينئذ يحرم للغير التَّزويج بها، وإن جعلنا القرء هو الطُّهر، فحينئذٍ يجوز تزويجها، وجانب التَّحريم أولى بالرِّعاية؛ لقوله - عليه الصَّلاة والسَّلام -: «ما اجْتَمَعَ الحَلَالُ والحَرَامُ إلَاّ غَلَبَ الحَرَامُ الحلالَ» ولأن الأصل في الأبضاع الحرمة، وهذا أقرب إلى الاحتياط، فكان أولى؛ لقوله - عليه الصَّلاة والسَّلام -: «دَعْ مَا يرِيبُك إلَى مَا لَا يرِيبُكَ» .
قوله:{وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ} الجارُّ متعلَّقٌ ب «يَحِلُّ» واللام للتبليغ، كهي في «قُلْتث لَكَ» .
قوله:{مَا خَلَقَ الله} في «مَا» وجهان:
أظهرهما: أنَّها موصولة بمعنى «الَّذِي» .
والثاني: أنها نكرةٌ موصوفةٌ، وعلى كلا التقديرين، فالعائد محذوفٌ لاستكمال الشروط، والتقدير: ما خلقه، و «مَا» يجوز أن يراد بها الجنين، وهو في حكم غير العاقل، فلذلك أوقعت عليه «مَا» وأن يراد بها دم الحيض.
قوله:{في أَرْحَامِهِنَّ} فيه وجهان:
أحدهما: أن يتعلَّق ب «خَلَقَ» .
والثاني: أن يتعلَّق بمحذوفٍ؛ على أنه حالٌ من عائد «مَا» المحذوف، التقدير: ما خلقه الله كائناً في أرحامهنَّ، قالوا: وهي حالٌ مقدَّرةٌ؛ قال أبو البقاء:«لأَنَّ وقتَ خَلْقِه لَيْسَ بشيءٍ، حتَّى يَتِمَّ خَلْقُهُ» ، وقرأ مُبَشِّر بن عبيدٍ:«في أَرْحَامِهُنَّ» و «بِرَدِّهُنَّ» بضمِّ هاء الكناية، وقد تقدَّم أنه الأصل، وأنه لغة الحجاز، وأنَّ الكسر لأجل تجانس الياء والكسرة.
قوله:{إِن كُنَّ} هذا شرطٌ، وفي جوابه المذهبان المشهوران: إمَّا محذوفٌ، وتقديره من لفظ ما تقدَّم؛ لتقوى الدلالة عليه، أي: إنْ كُنَّ يؤمنَّ بالله واليَوم الآخر، فلا