روى عُروة بن الزُّبير، قال: كان النَّاسُ في الابتداء يُطلِّقون من غير حصرٍ ولا عددٍ، وكان الرَّجُل يُطلق امرأَته، فإذا قاربت انقضاء عدَّتها، راجعها ثم طلَّقها كذلك، ثم راجعها يقصد مضارَّتها، فنزلت هذه الآية:{الطلاق مَرَّتَانِ} .
ورُوِي: أن الرَّجُل كان في الجاهليَّة يُطَلِّق امرأَتهُ، ثم يُراجعها قبل أن تنقضي عِدَّتها، ولو طَلَّقها ألف مَرَّة، كانت القُدرة على المُراجعة ثابتةٌ، فجاءت امرأةٌ إلى عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْها -، فشكت أَنَّ زَوْجهها يُطَلِّقُها ويُراجِعها، يُضارّها بذلك، فذكرت عائشة ذلك لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فنزل قوله تعالى:{الطلاق مَرَّتَانِ} يعني: الطلاق الَّذِي يملك الرَّجعة عقيبهُ مرتان، فإذا طَلَّق ثَلَاثاً، فلا تحلُّ له إلَاّ بعد نكاح زوجٍ آخر.
فصل
اختلف المُفَسِّرون في هذه الآية:
فقال بعضهم: هذا حُكم مُبتدأ، ومعناه: أن التَّطليق الشَّرعيّ يجب ن يكون تطليقةً بعد أُخرى، على التَّفريق دون الجمع والإِرسال دفعةً واحدة، وهذا قول من قال: الجمع بين الثَّلاث حرامٌ.
قال أبو زيد الدَّبوسيّ: هذا قول عمر وعثمان وعبد الله بن عبَّاس، وعبد الله بن عمر، وعمران بن حصين، وأبي موسى الأشعري وأَبي الدَّرداء، وحذيفة.
وقال آخرون: ليس بابتداء كلام، وإنَّما هو متعلِّق بما قبله والمعنى: أن الطَّلاقَ الرَّجعيَّ مَرَّتان، ولا رجعة بعد الثَّلاث، وهو وقل من جوَّز الجمع بين الثَّلاث، وهو مذهب الشَّافعي.
حُجَّة القول الأَوَّل: أن الأَلف واللام في «الطَّلَاقِ» إذا لم يكونا للمعهود، أفادا