قال أبو حيان: أمَّا ما ذكره من أنه لا يقال: «علمت أنَّ يقومَ زيد» فقد ذكره غيره مثل الفارسي وغيره، إلَاّ أن سيبويه أجاز:«ما علْتُ إلا أن يقومَ زيدٌ» فظاهرُ هذا الردُّ على الفارسي. قال بعضهم الجمع بينهما أنَّ «عَلِمَ» قد يراد بها الظَّنُّ القويُّ كقوله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ}[الممتحنة: ١٠] ، وقوله:[الوافر]
فقوله:«علمَ حق» يفهم منه أنه قد يكون علم غير حق، وكذا قوله «غيرِ ظَنٍّ» يفهم منه أنه قد يكون علمٌ بمعنى الظن. وممَّا يدلُّ على أنَّ «عَلِمَ» التي بمعنى «ظَنَّ» تعمل في «أَنْ» الناصبة، فليس بوهم من طريق اللفظ كما ذكره الزمخشري.
وأمَّا قوله:«لأنَّ الإنسانَ لا يعلمُ ما في الغدِ» فليسَ كما ذكر، بل الإنسان يعلم أشياء كثيرةً واقعةً في الغد ويجزم بها «قال شهاب الدين: وهذا الردُّ من الشيخ عجيبٌ جداً، كيف يقال في الآية: إنَّ الظن بمعنى اليقين، ثم يجعل اليقين بمعنى الظن المسوغ لعلمه في» أَنْ «الناصبة. وقوله:» لأنَّ الإنسانَ قد يَجْزِمُ بأشياءَ في الغد «مُسَلَّمٌ، لكن ليس هذا منها.
وقوله:{أَن يُقِيمَا} إمَّا سادٌّ مسدَّ المفعولين، أو الأول والثاني محذوفٌ، على حسب المذهبين المتقدمين.
فصل
كلمة» إن «في اللغة للشرط، والمعلق بالشرط عدم عند عدم الشرط؛ فظاهر الآية يقتضي: أنه متى لم يحصل هذا الظن لم يحصل جواز المراجعة وليس الأمر كذلك؛ فإنَّ جواز المراجعة ثابتٌ، سواءٌ حصل هذا الظنُّ، أو لم يحصل، إلَاّ أنا نقول: ليس المراد أنَّ هذا شرطٌ لصحة المراجعة؛ بل المراد منه أنه يلزمهم عند المراجعة بالنِّكاح الجديد رعاية حقوق الله تعالى، وقصد الإقامة لحدود الله.
قال طاوسٌ: إن ظنَّ كلٌّ واحدٍ منهما، أنه يحسن عشرة صاحبه.
وقيل: حدود الله: فرائضه، أي إذا علما أنه يكون منهما الصلاح بالنكاح الثاني.