هَذَا إِذا جعلنَا فِي " ضربا " ضميرا مستترا؛ وَأما من يَقُول من النَّحْوِيين: إِنَّه لَا يتَحَمَّل ضميرا أَلْبَتَّة؛ فَلَا يكون من الْمَسْأَلَة فِي شَيْء.
وَالضَّابِط فِيمَا يجب استتاره، وَإِن عرف من تعداد الصُّور الْمُتَقَدّمَة - " أَن كل ضمير لَا يحل مَحَله ظَاهر، وَلَا ضمير مُتَّصِل، فَهُوَ وَاجِب الاستتار كالمواضع الْمُتَقَدّمَة، وَمَا جَازَ أَن يحل مَحَله ظَاهر، فَهُوَ جَائِز الاستتار؛ نَحْو: " زيد قَامَ " فِي " قَامَ " ضمير جَائِز الاستتار، وَيحل مَحَله الظَّاهِر؛ نَحْو: " زيد قَامَ أَبوهُ " أَو الضَّمِير الْمُنْفَصِل، نَحْو: " زيد مَا قَامَ إِلَّا هُوَ " فَإِن وجد من لسانهم فِي أحد الْمَوَاضِع الْمُتَقَدّمَة، الْوَاجِب فِيهَا الاستتار ضمير مُنْفَصِل، فليعتقد كَونه توكيدا للضمير الْمُسْتَتر؛ كَقَوْلِه تَعَالَى:{اسكن أَنْت وزوجك الْجنَّة}[الْبَقَرَة: ٣٥] ف " أَنْت " مُؤَكد لفاعل " اسكن ".
و" بِاللَّه " جَار ومجرور، وَكَذَلِكَ: " من الشَّيْطَان " وهما متعلقان ب " أعوذ ".
وَمعنى الْبَاء: الِاسْتِعَانَة، و " من ": للتَّعْلِيل، أَي: أعوذ مستعينا بِاللَّه من أجل الشَّيْطَان، وَيجوز أَن تكون " من " لابتداء الْغَايَة، وَلها معَان أخر ستأتي إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَأما الْكَلَام على الْجَلالَة، فَيَأْتِي فِي الْبَسْمَلَة إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
والشيطان: المتمرد من الْجِنّ، وَقيل: الشَّيَاطِين أقوى من الْجِنّ، والمردة أقوى من الشَّيَاطِين، والعفريت أقوى من المردة، والعفاريت أقواها.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة - رَحمَه الله -: الشَّيْطَان: اسْم لكل عَارِم من الْجِنّ، وَالْإِنْس، والحيوانات؛ [لبعده] من الرشاد قَالَ تبَارك وَتَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جعلنَا لكل نَبِي عدوا شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ}[الْأَنْعَام: ١١٢] ، فَجعل من الْإِنْس شياطين.