لاختصاصها به، فإِن ماتَ الأَبُ ولا مال لِلصَّبِيِّ، فذهب مالكٌ في «المُدَوَّنَةِ» غلى أَنَّ الرضاعَ لازمٌ للأُمِّ بخلاف النَّفقةِ، وفي كتاب «ابن الجلاب» : رضاعه في بيتِ المالِ، فأَمَّا المطلَّقةِ طلاقاً بائِناً، فلا رضاع عليها، والرَّضَاعُ على الزَّوج إلَاّ أَنْ تشاء الأُمُّ، فهي أَحَقُّ بأجرةِ المثل، إذا كان الزوجُ مُوسِراً، فإِن كان معدماً، لم يلزمها الرضاعُ إلَاّ أَنْ يكون المولود لا يقبلُ غيرها فتجبر على الرَّضاع وكل من لزمها الإرضاعُ، فأَصابها عُذْرٌ يمنعها منه، عاد الإِرضاع على الأَبِ، وعن مالكٍ: أَنَّ الأَبَ إذا كان مُعدماً، ولا مال للصبي أَنَّ الرضاعَ على الأم لَمْ يكن لها لبنٌ؛ ولها مالٌ، فَإِنَّ الإِرضاع عليها في مالها. وقال الشَّافعيُّ: لا يلزم الرضاعُ إلَاّ والداً أو جَدّاً وإن عَلَا.
فصل في تحديد الحولين
اختلف العلماءُ في تحديد الحولينِ فقال بعضهم: هو حَدٌّ لبعضِ المولُودين.
روى عكرمة عن ابن عبَّاس: أَنَّها إذا وضعت لستَّةِ أشهرٍ، فإِنَّها تُرْضِعه حولين كاملين، وإن وضعتْ لسبعةِ أشهُر، ترضعُه ثلاثةً وعشرينَ شهراً، وإنْ وضعت لتسعةِ أشهر، تُرضِعه إحدى وعشرين شهراً؛ كل ذلك تمامُ ثلاثين شهراً؛ لقوله تعالى:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً}[الأحقاف: ١٥] .
وقال آخرون: هو حَدٌّ لكُلِّ مولُودٍ، لا يُنقصُ رضاعُهُ عن حولين، إلَاّ باتِّفاق الأَبوين فأَيُّهما أراد الفِطَامَ قبل تمام الحولينِ، ليس له ذلك إلَاّ أَنْ يجتمعا عليه؛ لقوله تعالى:{فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا} وهذا قولُ ابن جريجٍ، والثوري، ورواية الوالبي، عن ابن عباس.
وقيل: المرادُ من الآية: بيانُ الرضاع الذي يثبتُ به الحرمةُ، أن يكون في الحولينِ، ولا يحرم ما يكون بعدَ الحولين.
قال قتادة: فرض اللهُ على الوالداتِ إِرضاعُ حولينِ كاملين ثم أنزل التخفيف؛ فقال {لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرضاعة} ، أي: هذا منتهى الرضاع، ليس فيما دُونَ ذلك حَدٌّ محدودٌ، إِنَّمَا هو على قَدْرِ صلاحِ الصَّبي، وما يعيشُ به، وهذا قولُ عليّ، وابن مسعود، وابن عباسٍ، وابن عمر، وعلقَمة، والشَّعبيِّ، والزهريّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم -.
وقال أبو حنيفة: مدةُ الرَّضاعِ ثلاثُون شهراً، واحتج الأَولون بقوله تعالى: {وَفِصَالُهُ