وقال هنا: {وَلَا تعزموا عُقْدَةَ النكاح} . وحكى سيبويه: ضُرِبَ فلانٌ الظهر والبطنَ أي: «عَلَى» .
قال سيبويه: والحذفُ في هذه الأَشياء لا يقاسُ عليه.
وقال النحاسُ: ويجوز أَنْ يكون ولا تعقِدُوا عُقدة النكاح؛ لأَنَّ معنى «تَعْزِمُوا» و «تَعْقِدُوا» واحدٌ.
ويقال: تعزُمُوا، بضم الزاي.
فصل
اعلم أنَّ الإِنسان إذا فعل فعلاً فلا بُدَّ أَنْ يتقدَم ذلك الفعلَ ستُّ مُقَدِّماتٍ.
الأولى: أن يسنح له ذلك الفعل، ومعنى «يَسْنَحْ له» : أن يَجْنح إلى فعله، ويعرضُ له فعله.
وثانيها: أَنْ يفكِّر في فعله، بمعنى أن يفعله، أم لا. وثالثها: أن يخطِرَ بباله فعله، بمعنى أنه يترجَّحُ فعله على تركه. ورابعها: أن يريدُ فِعْلَهُ.
وخامسها: أَنْ يَهمّ بفعله، وهو عزمٌ غيرَ جازِمٍ.
وسادسها: أَنْ يعزِم عَزْماً جازِماً فيفعله.
فصل في أصل العقد
وأَصل العقد: الشدُّ، والمعهود، والأنكحةُ تُسمَّى عُقُوداً لأنها تعقد كعقود الحبل في التوثيق.
قوله: «عُقْدَةَ» في نصبه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه مفعولٌ به على أنه ضمَّن «عَزَمَ» معنى ما يتعدَّى بنفسه، وهو: تَنْوُوا أو تُبَاشِرُوا، ونحو ذلك.
والثاني: أنه منصوبٌ على إسقاط حرف الجر، وهو «عَلَى» ؛ فإنَّ «عَزَمَ» يتعدَّى بها، قال: [الوافر]
١١٤١ - عَزَمْتُ عَلَى إقَامةِ ذِي صَبَاحٍ ... لأَمْرٍ مَّا يُسَوَّدُ مَنْ يَسُودُ
وحذفها جائز، كقول عنترة، [الكامل]
١١٤٢ - وَلَقَدْ أَبِيتُ عَلَى الطَّوَى وَأظَلُّهُ ... حَتَّى أَنَالَ بِهِ كَرِيمَ المَطْعِمِ