أحدهما: أنه منصوبٌ على المصدر، وتحريره أنه اسم مصدرٍ؛ لأنَّ المصدر الجاري على صدره إنَّما هو التمتيع، فهو من باب: {أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً} [نوح: ١٧] . وقال أبو حيَّان: قالوا: انتصَبَ على المصدرِ؛ وتحريرُهُ: أن المتاع هو ما يمتع به، فهو اسمٌ له، ثم أطلق على المصدر؛ على سبيل المجاز، والعامل فيه: «وَمَتِّعُوهُنَّ» قال شهاب الدين: وفيه نظرٌ؛ لأنَّ المعهود أن يطلق المصدر على أسماء الأعيان؛ كضربٍ بمعنى مضروبٍ، وأمَّا إطلاق الأعيان على المصدر، فلا يجوز، وإن كان بعضهم جوَّزه على قلَّةٍ؛ نحو قولهم: «تِرْباً وَجَنْدَلاً» و «أَقَائِماً، وَقَدْ قَعَدَ النَّاسُ» ، والصحيح أن «تِرْباً» ونحوه مفعولٌ به، و «قائماً نصبٌ على الحال.
[والثاني من وجهي» مَتَاعاً «أن ينتصب على الحال] ، والعامل فيه ما تضمَّنه الجارُّ والمجرور من معنى الفعل، وصاحب الحال ذلك الضمير المستكنُّ في ذلك العامل، والتقدير: قدر الموسع يستقرُّ عليه في حال كونه متاعاً.
قوله:» بالمعروف «فيه وجهان:
أحدهما: أن يتعلَّق ب» مَتِّعُوهُنَّ «، فتكون الباء للتعدية.
والثاني: أن يتعلَّق بمحذوفٍ على أنه صفةٌ ل» مَتَاعاً «؛ فيكون في محلِّ نصبٍ، والباء للمصاحبة، أي: متاعاً ملتبساً بالمعروف.
قوله:» حَقّاً «في نصبه أربعة أوجه:
أحدها: أنه مصدرٌ مؤكِّدٌ لمعنى الجملة قبله؛ كقولك:» هَذَا ابْنِي حَقّاً «وهذا المصدر يجب إضمار عامله، تقديره: حَقَّ ذلك حقّاً، ولا يجوز تقديم هذا المصدر على الجملة قبله.
والثاني: أن يكون صفةً ل» مَتَاعاً «، أي: متاعاً واجباً على المحسنين.
والثالث: أنه حالٌ ممَّا كان حالاً منه» مَتَاعاً «وهذا على رأي من يجيز تعدُّد الحال.
والرابع: أن يكون حالاً من» المَعْرُوفِ «، أي: بالذي عرف في حال وجوبه على المحسنين، و» عَلَى المُحْسِنِينَ «يجوز أن يتعلَّق ب» حَقًّا «؛ الواجب، وأن يتعلَّق بمحذوفٍ؛ لأنه صفةٌ له.
فصل
اعلم أن المطلقات أربعة أقسام:
القسم الأول: وهو ألَاّ يؤخذ منهم على الفراق شيءٌ ظلماً، وأخبر أن لهن كمال المهر، وعليهن العدَّة.
القسم الثاني: المطلقة قبل الدُّخول، وقد فرض لها - وهي المذكورة في الآية التي بعد هذه - وبيَّن أنَّ لها نصف المفروض لها، وبيّن في سورة الأحزاب أنَّ لا عدَّة على