بيده حِلُّ عُقْدَةِ النِّكَاحِ؛ كما قيل ذلك في قوله:{وَلَا تعزموا عُقْدَةَ النكاح}[البقرة: ٢٣٥] ، أي عَقْدَ عُقْدَةِ النكاح، وهذا يؤيِّد أنَّ المرادَ الزَّوْجُ.
فصل فيمن بيده عقدة النكاح
المراد بقوله:«يَعفُونَ» أي: المطلقاتُ يعفُون عن أزواجهنَّ، فلا يطالبنهم بنصفِ المهرِ.
واختلفوا في {الذي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح} فقال علي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -، وسعيدُ بن جُبير، والشعبي، وشُرَيحٌ، ومجاهدٌ، وقتادة: هو الزَّوج، وبه قال أبو حنيفة.
وقال علقمةُ، وعطاءُ، والحسنُ، والزهريُّ، وربيعةُ: هو الولي، وبه قال أصحابُ الشَّافعيِّ.
واحتج الأَوَّلون بوجوهٍ:
الأول: أنَّه ليس للولِيّ أَنْ يهب مهرَ وليَّته، صغيرةً كانت، أو كبيرةً.
الثاني: أنَّ الَّذي بيد الولِيّ هو عقدُ النكاحِ، فإذا عقد، فقد حصل النكاحُ، والعقدةُ الحاصلةُ بعد العقدِ في يدِ الزَّوج، لا في يدِ الولي.
الثالث: روي عن جُبير بن مطعم: أَنَّهُ تزوج امرأةً وطلَّقها قبل أن يدخل بها، فأكمل الصداق، وقال: أنا أحَقُّ بالعفوِ، وهذا يدل على أنّ الصحابةَ فهموا من الآية العفو الصادر من الزوج.
واحتج القائِلون بأنّه الوَلِيُّ بوجوهٍ.
أحدها: أن عفو الزوج هو أن يعطيها المهرَ كُلَّهُ، وذلك يكون هبةً، والهبةُ لا تُسمَّى عفواً.
وأُجيبوا بأنه كان الغالب عندهم، أَنْ يسوق المهرَ كُلَّه إليها، عند التزوج، فإذا طلّق، فقد استحقَّ المُطَالبة بنصفِ ما ساقَهُ إليها، فإذا ترك المطالبة، فقد عفا عنها.