للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: على موضع المجرورِ قَبْلَهُ؛ نحو: مَرَرْتُ بزيدٍ وَعَمْراً، وسيأتي بيانُه في المائدة - إن شاء الله تعالى -.

قال القرطبي: وقرأ أبو جعفر الواسطي «والصَّلَاةَ الوُسْطَى» بالنصب على الإِغراء أي: والْزَمُوا الصَّلاة الوُسْطَى وكذلك قرأ الحلواني، وقرأ قالُونُ، عن نافع «الوُصْطَى» بالصَّادِ؛ لمجاورَة الطاءِ؛ لأنهما مِنْ واحدٍ، وهما لغتان؛ كالصراط ونحوه.

فصل

لمّا ذكر الأحكام المتعلّقة بمصالح الدُّنيا مِنْ بيان: النكاح، والطلاقِ، والعُقُودِ، أتبعه بذكر الأَحكامِ المتعلِّقة بمصالح الآخرة.

وأَجمع المسلمون على وجوب الصلوات الخمس، وهذه الآيةُ تدلُّ على كونها خَمْساً؛ لأن قوله: {حَافِظُواْ عَلَى الصلوات} تدل على الثَّلاثة مِنْ حيثُ إِنَّ أَقلَّ الجمع ثلاثةٌ، ثم قال: {والصلاة الوسطى} يدلُّ على شيءٍ زائدٍ عن الثلاثة؛ وإلَاّ لزم التكرارُ، والأصلُ عدمهُ، ثم إنَّ الزَّائد يمتنع أَنْ يكون أربعةً، لأنها لا يبقى لها وسطى فلا بُدَّ وأَنْ ينضمَّ إلى تلك الثلاثة عددٌ آخرٌ؛ حتى يحصلَ به للجموع واسطةٌ، وأقلُّ ذلك خمسةٌ، فدلَّت هذه الآيةُ على أن الصلوات المفروضات خمسٌ بهذا الطَّريق، وهذا الاستبدال إنما يتم، إذا قُلنا: إنَّ المراد من الوُسْطَى ما يكونُ وسطاً في العدد، لا ما يكون وسطاً بسبب الفضيلة.

فصل

هذه الآيةُ وإِنْ دلّت على وجوب الصلوات الخمس لكنَّها لا تدلُّ على أوقاتها.

قالوا: والآياتُ الدالةُ على تفصيل الأَوقاتِ أَربعٌ:

أحدها: قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ الله حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: ١٧] .

فقوله: «سُبْحَانَ اللهِ» أي: فسبِّحوا اللهَ، معناه: صلُّوا للهِ حين تمسون، أراد به صلاة المغربِ، والعِشَاءِ، «وَحِينَ تُصْبِحُونَ» أراد صلاة الصُّبح، و «عَشيّاً» أراد به [صلاة] العصر، و «حِينَ تُظْهِرُونَ» ، صلاة الظهر.

الثانية: قوله تعالى: {أَقِمِ الصلاة لِدُلُوكِ الشمس إلى غَسَقِ الليل} [الإسراء: ٧٨] أراد ب «الدلوك» زوالها، فدخل في الآية: صلاةُ الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، ثم قال: {وَقُرْآنَ الفجر} [الإسراء: ٧٨] أراد صلاة الصُّبح.

الثالثة: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَآءِ الليل فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النهار} [طه: ١٣٠] قالوا: لأَنَّ الزمان إِمَّا أَنْ يكون قبل طُلُوعِ الشَّمسِ، أو قبل غروبها، فالليل والنهارُ داخلان في هاتين اللفظتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>